31 أغسطس 2007

فِيْ عَالَمِ مَا وَرَاء الطَبِيْعَة: سيِنَمَا، سيِنَمَا، نُوْسْتَالْجِيَا، نُوْسْتَالْجِيَا

سلسلة ما وراء الطبيعة للكاتب المصري أحمد خالد توفيق واحدة من أقدم السلاسل العربية التي لا تزال تصدر حتى الآن، وحتى وقت قريب نسبياً، كانت السلسلة العربية الوحيدة التي تتحدث عن عوالم ما وراء الطبيعة. للسلسلة مكانة رفيعة تصل إلى مرتبة القداسة لدى شريحة واسعة من قُرائها الذين نشأوا على عوالم السلسلة، وسخريتها القوية عالية النبرة من كل شيء. السخرية التي لم يصل كثيرون من المتأثرين بالسلسلة إلى إدراك عُمقها الحقيقي، واستبدلوها بسودواية مُقبضة، ونظرة فوقية شديدة للواقع الحالي، مع نوع من الاعتقاد شبه الديني بقداسة رموز أدبية مُعينة لها ارتباط بالسلسلة.
لعل المطالبات الأعلى نبرة مع اقتراب السلسلة من نهايتها -التي قد تتأخر خمس سنوات قادمة[1]- اقتباسها للعرض على الشاشة السينمائية أو التلفزيونية، باعتبارها تمتلك المقومات اللازمة للعرض المرئي. المُطالبات التي تصطدم بشكل دائم بحالة السينما المصرية التي لا تبدو قادرة -في المدى المنظور- على استلهام أجواء السلسلة ابتداء من الخمسينات حتى السبعينات، والعودة بالزمن إلى الحالة النوستالجية لمغامرات رفعت إسماعيل في عالم الستينات والسبعينات، في مصر، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، ورومانيا، وغيرها.لا يبدو حال التلفزيون أفضل كثيراً من حال السينما، فالإمكانيات التلفزيونية المتوفرة لإنتاج السلسلة قد لا تُفلح إلا في تشويهها تشويها بالغاً يقتل أي أبعاد فنية للسلسلة، وينتزع منها جوهرها الصميم الذي يحن إلى أزمنة كان فيها العالم مليئاً بالرعب، لكنه حميمي وأصيل ومُبدع. العالم الذي كان يضطرب بالثورات الحقيقية بعد الحرب العالمية الثانية، قبل أن يستقر على وضعه الحالي المزري الذي ابتدأ في مرحلة ما من الثمانينات ثم استمر حتى وصل أقصى امتداد له في الوقت الحاضر، جثة متفسخة لعملاق ينخره الفساد والنفاق وزيف القيم الجمالية والإبداعية. عالم لا يمتلك ترف الرعب، ولا ترف الإبتكار. عالم لاهث مسعور في واقع فوق-كارثي أحاله إلى مستنقع آسن[2].
مقابل التقدير الذي يصل مرتبة التقديس للسلسلة بين قرائها، تُقابل كُتيبات السلسلة دائماً بتجاهل تام من قبل نقاد الأدب وكثير من المتأدبين، باعتبار أن أدب الرعب فرع سيء السمعة من الأدب، يخجل منه أفراد الأسرة رغم ثرائه وسعة نفوذه، كأنه القريب الذي ظن به الجميع الفشل، فإذا به يحصل على المال والنفوذ عن طريق غير شرعي يضمن له مكاناً في المجتمع، لكن ليس ضمن الأفراد اللائقين.[3]
من جهة، قد يبدو هذا التجاهل منطقياً لافتقار السلسلة إلى الأصالة في حبكاتها. النقد الذي يُثير غضب معجبيها الذين يردون دائماً بالإدعاء الجاهز: "لا حبكات أصلية تماماً في الأدب.[4] وهو ادعاء منطقي إلى حد بعيد على مستوى الثيمات، فثيمات الفن متقاربة دائماً، ومواضيعه الأساسية هي ذاتها: الحياة/الموت، الخير/الشر، الحب/البغض، الجمال/القبح... ليس بشكل ثنائيات متضادة سافر غالباً، لكن استدعاء ثيمة واحدة من ثيمات الفن الأساسية يستحضر (ضمناً) نقائضها ومكملاتها بشكل أو بآخر. في حقيقته، فإن الفن محاولة للبحث في جوهر الوجود، وهذه -كما أفترض- هي الثيمة الأساسية لكل الأعمال الفنية مُنذ عهد رسوم الكهوف، وحتى عصر ثورة الوسائط. يسقط إدعاء "لا حبكات أصلية" في مواجهة الأعمال الأدبية والسينمائية التي يفترض بها النُقاد أنها "حقيقية" و"ذات قيمة أصيلة"، فمع استلهام منابع الحكايات الأساسية في الأدب الشعبي والميثولوجيا، تظهر الخصائص المتفردة للسرد (بمفهومه المكتوب والمعروض) مع الإمكانيات اللامتناهية للتجريب في إطار الثيمات الرئيسية الكُبرى، والثيمات المتفرعة عنها، للفن. وحتى مع وجود التناص الأدبي، فإن النص الأدبي (أو السينمائي) يؤسس ذاتيته، ويؤسس أفكاره وحبكاته الخاصة مُتآمراً على القارئ/المُشاهد المُطل على المنظر، وداعياً إياه للمشاركة في عالمه، متواطئاً معه، ومتآمراً عليه في الوقت عينه[5].
مرجعية سلسلة ما وراء الطبيعة الأساسية سينمائية غالباً، مع بعض التأثر بالقصص الشعبي والميثولوجيا (وقليل من إدغار آلان بو حسب معالجات كورمان السينمائية لأعماله غالباً، مع إشارات مستمرة إلى هوارد فيليبس لفكرافت بدون الاقتراب الحقيقي من عوالمه حتى حاز كتاب العزيف دوراً محورياً في حبكة العلامات الدامية) ، وحيث أن السينما تستمد مرجعيتها الأساسية من الأدب، فإن عكس المرجعية في سلسلة ما وراء الطبيعة يضر بإمكاناتها الفنية ضرراً بالغاً، ويفقدها شطراً كبيراً من أصالتها الإبداعية، كما أنه ستار يحجب خصائصها الأصيلة عمن يحاولون الاقتراب منها بمنطلقات نقدية.
المرجعية السينمائية لقصص السلسلة
إلى حد كبير، فإن السلسلة ذات أصل سينمائي [6] يُشير إليه أحمد خالد توفيق من حين لآخر في أعداد متفرقة من السلسلة، وفي كُتب أخرى (موسوعة الظلام ، سلسلة فانتازيا)، فيتحدث عن أفلام ديفد كروننبرغ، وروجر كورمان، وتأثير أفلام مثل ليلة الموتى الأحياء Night of Living Dead (فيلم جورج راميرو الذي أنتج في 1968وهو عام مُهم في تاريخ السينما الغرائبية التي تستند عليها السلسلة، وفي السلسلة نفسها باعتباره العام الذي يُقابل فيه رفعت إسماعيل العامل المُضاد الرئيسي في السلسلة فرانتز لوسيفر).
بالرغم من الإشارة للرعب غير المُسبَب الذي نشره الفيلم (الذي يُصور أمريكا تأكل نفسها)[7]، فإن تأثيره الظاهر على السلسلة لم يمتد لأبعد من الإنكار التام لوجود الزومبي باعتبار أن الفكرة مُنافية للدين، فالموتى يظلون في قبورهم إلى أن يغادروها بأمر خالقهم للحساب (فكرة يتكرر التعبير عنها في أسطورة الفصيلة السادسة، وقصة أمنية واحدة في حلقة الرعب وراء الباب المغلق، بعد أن يسبق التأكيد عليها في أسطورة الموتى الأحياء)، بينما جاء التأثير الأطغى لفيلم الزومبي الأبيض White Zombie من إخراج فيكتور هالبيرين عن رواية الجزيرة المسحورة لويليام سيربروك، حيث تستخدم أسطورة الموتى الأحياء أفكار الفيلم حول استغلال الزومبي كرقيق لدى شخص شرير ذي سلطة، وحيل الفودو الظاهرية المخادعة، والزوجات المختطفات. تضيف السلسلة حضور رفعت إسماعيل، والتسخيف التام لفكرة الزومبي.
يُشكل فيلم المساحون Scanners لديفد كروننبرغ المرجع الأساسي لثُلاثية إيجور تاركوفسكي (أسطورة إيجور، أسطورة الجنرال العائد، أسطورة المواجهة)، بفكرته حول قوى التخاطر الذهني، ومشهد تفجير الدماغ سيء السمعة في بدايته (يوجد مشهد مماثل في نهاية أسطورة المواجهة). فيما يُشكل الصراع بين أخوين يمثلان الخير والشر (ويتداخلان في نهايته) محور فيلم كروننبرغ، فإن سعي إيجور تاركوفسكي للانتقام من الجنرال النازي سيدلتز جابلر الذي تسبب في دمار عالمه خلال الحرب العالمية الثانية هو محور الثلاثية التي تحتل مكانة هامة في السلسلة باعتبارها أوبرا ما-بعد-المحرقة باردة ومقبضة[8] عن إيجور البولندي الضائع في عالم جديد مُعاد وغير مُرحب. عالم يمن عليه بأنه استضافة، ويُعذبه، ويستغله في النهاية إلى أقصى الحدود. في النهاية، يتغلب إيجور على عدوه، ويجري جراحة يتحول بعدها إلى شخص عادي يدرس الحالات المشابهة لحالته، ويعود فيما بعد ليُقدم استشارة في الحالات النفسية المعقدة في السلسلة.[9]
واحد من أوضح اقتباسات السلسلة جاء في القصة التي لم تحظ بقبول واسع، أسطورة الغرباء، حيث سقوط النيزك، والتغيرات النفسية التي تطرأ على سكان المنطقة، والدوائر الخالية من الشعر، والنهاية الحلمية. استخدمت القصة تقنية لاهثة في البداية بين قصاصات الصحف، ثم عادت إلى أسلوب السرد التقليدي ذي النهاية المُخيبة نسبياً. ثيمة الحُلم مُهمة جداً في الأدب والسينما على حد سواء، فحالة اختلاط الوعي في الأحلام ومنطقها الخاص يسمحان بتقديم رؤية فنية عميقة لأكثر النزعات الإنسانية جموحاً وسوداوية، لكن الحلم لا ينجح كثيراً كحل لحبكة مستعصية على الحل.
في أسطورة فرانكشتاين، يُذكر الأصل الروائي للأسطورة بدون أدنى مواربة، ويُرجع إليه من حين لآخر خلال القصة، لكن أسطورة فرانكشتاين إذ تذكر أصلها الروائي، تُغفل ذكر أحد مرجعياتها السينمائية المُهمة، فيلم 1935 الكلاسيكي للمخرج جيمس ويل عروس فرانكنشتاين The Bride of Frankenstein حيث يُماثل فيكتور فرانكنشتاين العالم المضحك غريب الأطوار شخصية دكتور سبتموس بريتورياس المضحك غريب الأطوار في الفيلم بشكل يثير الريبة إلى حد بعيد.
حلقات الرعب
يعتبر توفيق حلقة المُتحف الأسود أفضل حلقات الرعب التي كتبها حتى الآن[10] لأنها: "مُحكمة ورشيقة" و"[تخلص] فيها من عيوب الحلقات السابقة". أعتقد أنني أخالف المؤلف هُنا، فبالنسبة لي، يمثل المُتحف الأسود أضعف حلقات الرعب في السلسلة، فقالب المتحف "الأسود" الذي يعرض متعلقات مرعبة وغالباً له صاحب فخور تكررت في عدد من الأفلام حتى كادت تصبح من الكليشيهات. صاحب المتحف هُنا "شبح" - كما يمكن الجزم منذ بداية الحلقة -، وهي ثيمة تكررت في السلسلة نفسها، حيث كان المُحفز الأكبر لأعضاء حلقة الرعب الأولى شبحاً أيضاً. قصة ابن أبراكساس إعادة لفيلم طفل روزماري Rosemary's Baby الذي أخرجه رومان بولانسكي (في 1968 أيضاً) عن رواية لإيرا ليفين، بنفس الثيمات الأساسية. الجو المُريب، الزوجة الساذجة المخدوعة، الجيران الودودون بشكل مريب، الطائفة الدينية التي تسعى لإعادة أبراكساس/الشيطان عن طريق ابنه، مولد الابن المُفترض في النهاية، وجو الشك العام الذي يلف الحكاية. بشكل عام، افتقدت الحلقة للأصالة بشكل شبه تام (مُكتفية بإدخال عناصر مصرية إلى قصص عالمية)، وامتلأت بسرد مترهل افتقر إلى حيوية الحلقات السابقة، التي احتوت عناصر فنية أكثر أصالة (رغم أنها لم تخلُ من الاقتباس بدورها)، وسرداً أكثر حيوية.
امتازت حلقة الرعب الأولى - التي تحمل عنوان حلقة الرعب - بطزاجة الاقتراب الأول من تجارب خوارقية يشترك فيها أشخاص عاديون. معارف وأصدقاء يجتمعون ويلجأون إلى حكاية أسوأ مخاوفهم ووساوسهم وتجاربهم ليتغلبوا على جو التوتر الطبيعي العام الذي يحيط بهم. جو حلقة الرعب حميمي خالص برغم العداء المُتزايد بين رفعت إسماعيل وشكري. وتظهر أكثر اقتباساته جودة في القصة التي اعتبرت أفضل قصص الحلقة، قصة هويدا عبدالمنعم عن الطفل الذي يعتبر نفسه "العاو"، والمُتأثرة بفيلم مارتين Martin لراميرو دون أن يفسدها هذا الاقتباس كثيراً (تُشكل الطاقة النفسية للعاو -الذي يرمز في المخيلة الشعبية إلى رُعب غير محدد الملامح أو معروف المصدر- المصدر الأول للتوتر الدرامي في القصة، وتصبغها ببارانويا واضحة هي جُزء من تراث الرعب). قصة سهام شقيقة هويدا هي الأخرى ذات مصدر سينمائي، حيث تنقل المرآة المسكونة صوراً من الماضي إلى الحاضر، وتبذر الشك والريبة في نفس الزوج تجاه زوجته. بينما قصة رفعت إسماعيل نفسها عن صديقه ومغامرة حشرة الإنتوفاجا التي تتحول إلى الإنثروفاجا مأخوذة عن فيلم جينو شوارز (عن رواية توماس بيج وباء الهيفايستوس) الحشرة Bug، حيث يستنبط عالم مجنون سلالة جديدة آكلة للحوم من حشرات فتاكة شديدة الذكاء.
تمتاز حلقة الرعب الثانية، حكايات التاروت، بغرابة مُركبة، فبطل الحلقة، د. لوسيفر، شخصية قد بُشر بها من قبل في موضعين على الأقل (مُقدمة وحش البحيرة، وخاتمة حلقة الرعب)، ويُفترض أنه الشيطان أو -في أحسن الأحوال- ممثله على الأرض (يأتي استطراد عن شخصية لوسيفر لاحقاً)، كما أن الحلقة نفسها قد بُشر بها باعتبارها عالماً من السحر الخفي الذي يجهل رفعت إسماعيل عنه كُل شيء تقريباً. غرابة الحلقة - بعيداً عن الإرهاصات - موروثة من المغامرة السابقة لها، أسطورة بو، وهي جولة "كورمانية" في عوالم إدغار آلان بو، أنقذتها الاقتباسات الشعرية الجميلة. تعقيد آخر يُضاف إلى غرابة الحلقة، هو ثيمة "الحفلة" التي ترتكز عليها الحلقة. تحتل الحفلات مكانة هامة في الفن المقروء والمرئي باعتبارها البؤرة التي تحتشد فيها ذروة عبثية السلوك الإنساني وغرابة أطواره وشذوذه، وفي حكايات التاروت، كان الاغتراب ثيمة هامة، حيث أن رفعت إسماعيل غريب ووحيد في وسط مُعادٍ يثير حنقه وسخريته، ويواجه عدواً وُجد من فوره. المثير للاهتمام هُنا أن العداء المُفترض بين رفعت إسماعيل وفرانتز لوسيفر نشأ فوراً، وبدون سابق معرفة، بسبب تصادم الاغتراب الداخلي والخارجي لإسماعيل مع المظهر البراق المُدعي والمتحذلق للوسيفر. لوسيفر هُنا "يتسفسط" بالحديث عن الحُب في مكان بارد مليء بالغرباء، ويُثير الحنق بثرائه المُبالغ فيه مُقابل فقر كولبي الواضح (إسماعيل وشلدون أيضاً)، وبانتمائه إلى المكان (الانتماء الذي يوحي بأنه جاء على حساب كولبي، وبالتالي إسماعيل وشلدون). جاء العداء مباشراً، بدون سابق معرفة أو تخطيط, وكانت الاحتكاكات بين الشخصيتين طيلة الحلقة مُجرد نتيجة لعداء-النظرة-الأولى الناشيء بينهما. غرابة الحلقة التي تجتمع حول لوسيفر في الصومعة تُضيف إلى تركيب غرابة حكايات التاروت بشكل عام، وتزيد من شعور العداء والاغتراب. رفعت إسماعيل مُجبر على البقاء في مكان لا يريد البقاء فيه/ يحدوه فضول لمعرفة حقيقة لوسيفر/ غريب في جو شرقي مُفتعل يُشعره بنوع من الإهانة/ يفقد أسس موقفه العقلاني البارد شيئاً فشيئاً.
مع جوها الغريب والمعادي، وقصصها الكابوسية التي يُضيف إلى ثقلها روايتها على لسان آخر خارجي يُفترض ألا علاقة له بأصحاب القصص (الأمر الذي يُضيف ظلاً من بارانويا انتهاك الخصوصية، وعرض الذات على الملأ بالبرود القاتل لشخص خارجي مهيمن)، تقتبس الحلقة فيلم 64 البريطاني منزل أهوال دكتور تيرور Dr. Terror's House of Horrors من إخراج فريدي فرانسيس الذي يحكي فيه غريب في قطار مصائر زملائه عن طريق الورق، وفيه قصص المذؤوب ومصاص الدماء وفودو. الأمر الذي يحد من قوة الحلقة الرمزية العبثية بشكل كبير. مع ذلك، تبقى حكايات التاروت واحدة من أهم أركان السلسلة التي تُقدم جانباً آخر مرتبطاً بالرعب والخوارق، العبثية المسيطرة للشر، والتي يوجه لوسيفر عن طريقها مصائر رفاقه لإثبات معتقداته المانوية حول ماهية الخير والشر.[11]
تتأثر حلقة الرعب الثالثة، بعد منتصف الليل، بالعديد من الأفلام أيضاً. أهم وأوضح تأثير يظهر في قصة (بس بس ناو) المتأثرة بفيلمي الناس القطط Cat People ولعنة الناس القطط The Curse of Cat People بشدة.[12] في هذه الحلقة، رفعت إسماعيل ومقدم البرنامج الشاب شريف السعدني يصغيان إلى الرُعب، ويلعبان دور المشارك السلبي. يُعلق إسماعيل بسخرية وملل على الاتصالات الواردة، ويتفاعل بشكل بارد مع المتصلين بالبرنامج، حتى يرده اتصال من نفسه يحاول رده إلى أسباب طبيعية واهية (خُدعة من أصدقائه أو من لوسيفر)، وتسقط أسبابه جميعاً.
عادت حلقة الرابعة، وراء الباب المُغلق، إلى أجواء الحفلات. هذه المرة في مصر، ومع أناس غرباء عن إسماعيل إنسانياً، لكنه يعرفهم إلى حد ما. طبيب يحتجز سبعة من ضيوفه، ومنهم زوجته، ويغلق عليهم جميع الأبواب مُهدداً إياهم بالهلاك إن فتحوا باباً خاطئاً، فيضطرون لإمضاء الليلة مع بعضهم البعض، ويزجونها بالحديث عن مخاوفهم الكامنة وراء الأبواب المُغلقة. إطار الحلقة جيد إجمالاً، ومتميز إذا ما قورن بإطار المتحف الأسود، لكن سؤالاً هاماً يطرأ؛ إذا كان مُحتجز السبعة طبيباً يحتجزهم في فيلا معروفة في مصر كانت ممتلئة بالضيوف حتى وقت قريب، فما هو نوع الخطر الذي قد ينتظرهم وراء أبوابه المغلقة؟ كان السجناء السبعة في غاية السذاجة، أما القارئ فعليه أن يخضع لقاعدة "دعني أخدعك-دعني أنخدع" التي يتحدث عنها توفيق غالباً. امتازت الحلقة بجو حميمي بدد العداء الأولي بين رفعت إسماعيل وبقية الضيوف، كما أنه قربهم من بعضهم البعض إنسانياً، وكشف مدى هشاشة الأقنعة التي يختبئ وراءها الإنسان اجتماعياً. وحفلت بإشارات عديدة إلى شخصيات وأحداث محلية تماماً.[13]
بُشر بالحلقة الخامسة، في جانب النجوم، من قبل كما بُشر بحكايات التاروت وبلوسيفر. هذه الحلقة أكثر حلقات الرعب - وأعداد السلسلة عموماً - غموضاً وضبابية، ببداية مغبشة على طريق ليلي مع أم كلثوم ومسافر لا يُحب البرق، وبيت يظهر من حيث لا يعلم أحد كما في قصص الجنيات.[14] رفعت إسماعيل يجرح نفسه، ينام ويجد نفسه في جانب النجوم عندما يستيقظ، وتُعقد محكمة لمحاكمته مع آخرين من الفانين. هذه المرة، تدور الحلقة في عالم آخر لا أبعاد له ولا أزمنة، حيث الشر هو الغالب، ممتداً، حقيقياً، وبشعاً، دون الحاجة لأي قناع يخفي خلفه حقيقته. علناً، يُطلب من الفانين رواية أكثر آثامهم شراً ليظفروا بالنجاة والخلود في جانب النجوم، وتبدأ قصص الحلقة المُقبضة إلى حد بعيد. مرة أخرى يحضر لوسيفر، ويعتبر المحاكمة حفلة أكثر منها محكمة. المرجعيات الفلمية مموهة بعناية في هذا العدد، ومُستبدلة بمرجعيات تاريخية وميثولوجية. أوضح تأثر فيلمي جاء في قصة (ابتعدوا عن البئر)، فيما احتوت بقية القصص على إشارات مرجعية إلى كاليجولا، الثورة الفرنسية، والنازية.[15] جاءت نجاة رفعت إسماعيل مبررة إلى حد ما، حيث أُنبئ بأنه أشر الموجودين، وأن خطيئته الأشد شراً هي الكبرياء وتجاهل الخطأ. لوسيفر هُنا يضع إسماعيل في موقف الشرير الأكبر الذي لا يعترف بشره لأنه متمترس وراء قناع من الفضيلة المُخادعة، ويحسب نفسه على صواب.[16]
في حلقة الرعب السابعة، يعود برنامج بعد مُنتصف الليل ويعود معه شريف السعدني والجو المصري. يُذكر في مُقدمة الحلقة أن برنامج بعد مُنتصف الليل هو المُقابل العربي لمسلسل منطقة الشفق The Twilight Zone، لكنه يختلف عنه في أن تجاربه صادقة وحقيقية تعتمد على تفاعل المستمعين الحي دون إعداد مُسبق. تُفلح هذه الحلقة في نسج جو الاستديو المُغلق على اثنين هُما رفعت إسماعيل ومُقدم البرنامج شريف السعدني الذين يستمعان إلى روايات المُستمعين دون أن يُقدما حلولاً حقيقية (فيما عدا قصة "على الإيقاع" حيث يشخص رفعت شكوى المُتصلة فيفي الشوربجي على أنها وسواس قهري سمعي، ثم يستنتج وجود أفعى تحت فراشها بسبب إصرارها على أنها تسمع لحن حا حا للشيخ إمام)، ويستمران في محاورات طويلة حول فلسفة كُلٌ منهما في الحياة، حيث أن شريف مُتفائل دائماً، بينما رفعت عصبي ومُتشكك ومُتشائم. تقع مُعظم قصص الحلقة الغريبة في خانة البارانويا، حيث تقود البارانويا الزوج في القصة الأولى إلى قتل زوجته، وفي قصتي بيسة وسوسو إلى روايتين مُتناقضتين حول شر سيعم الأرض بسبب فشل سوسو في قتل بيسة، كما في قصة كامل الذي يعتقد بوجود من يقيمون في الأسفل. أولئك الذين يظفرون به في النهاية. في قصة (محموووود!) يقود الشعور بالذنب الزوجة إلى حالة متقدمة من البارانويا حيث تعتقد أن قط زوجها القبيح قد تقمصته روح زوجها الذي قتلته. وفي قصة (نوبتجية) يروي الطبيب مقلباً دبره للانتقام من زميله المُستهتر الذي تسبب في وفاة مريضة، ثم يتضح أنه يتحمل قسطاً من المسؤولية عن وفاة المريضة، وتنتهي القصة بالمريضة التي تطلب من الطبيب أن ينتبه إليها وتخبره باسمها الذي ينساه الطبيب وشريف ورفعت رغم أن الاثنين يتباهيان بأنهما لا ينسيان الأصوات والأحداث، وأنهما يتذكران المتصلين بهما من أسبوع لآخر، ما يُمثل نقطة ضعف في بنية الحكاية إلا بفرض ادعائهما نسيان الاسم لئلا يُفزعا المُتصل. هُناك نقطة ضعف حيوية في هذه السلسلة تتعلق بحكاية خزانة خريولسن التي يبدأ أحدهم في روايتها لرفعت وزميله بنفس المُقدمة التي استخدمها رفعت من قبل. يموت المُتصل ويُعلن رفعت أنه لن يروي الحكاية إلا حين يكون متيقناً من قرب موته برغم أنه بدأ في روايتها من قبل في حلقة الرعب الرابعة (وراء الباب المُغلق).
التنين والضفدعة
في العدد الخاص الأول من ما وراء الطبيعة، في كهوف دراجوسان، استأثرت بُنية الرواية غير المعهودة في اللغة العربية بالقسط الأكبر من الاهتمام، على حساب قصة دراجوسان الذي هو تنين إذا اختار القارئ ممراً، ونكرومانسر إذا اختار القارئ الممر الآخر.[17] فكرة النكرومانسر وردت في السلسلة قبلاً، حيث يصبح (هـ) بطل أسطورة الجاثوم واحداً في النهاية. أما فكرة دراجوسان وكهوفه وقلعته وكونه تنيناً وإقطاعياً في الوقت ذاته، فمصدرها طريف بعض الشيء، حيث يأتي من الفيلم الأمريكي المتاهة The Maze الذي أخرجه ويليام كاميرون مينزيس عن رواية موريس ساندوز، وهو فيلم غريب الأطوار عن شاب إسكتلندي يرث قلعة ليكتشف أن السيد الحقيقي لها لا يزال حياً، وأنه ضفدعة كبيرة عمرها مائتا عام، تعيش في متاهة القلعة...! قصة طريفة وغريبة جاء اقتباسها غريباً هو الآخر، لم يعجبني بشكل خاص، لكنه تطوير ذكي ولماح لقصة غريبة تُروى بطريقة غريبة، حافلة بنهايات غاية في الكابوسية. دراجوسان هو الكهف الذي يبتلع كُل شيء، ولا مهرب منه إطلاقاً. حكاية مُقبضة وطموحة عن الشر المُهيمن الباحث عن الخلود.
عنوان سخيف ومُراهق، لكنه ثيمة أساسية في مغامرة رفعت إسماعيل الساخرة "ما أمام الطبيعة"، ومع أن مغامرة "ما أمام الطبيعة" واحدة من سخريات سلسلة فانتازيا، إلا أنها تحمل أوضح الإشارات إلى تأثر سلسلة ما وراء الطبيعة بالأفلام السينمائية، والأفلام التي يُطلق عليها نُقاد السينما أسماء مثل: "قاذورات الفيديو" و"أفلام الجياللو". بالإضافة إلى تصنيفها السينمائي للمسوخ والكوارث التي يقابلها رفعت إسماعيل. أنا أبصق على قبرك فيلم من أشهر أفلام قاذورات الفيديو، كانت الإشارة إليه في نطاق السلسلة الأصلي صعبة إلى حد ما، فجاءت الإشارة إليه في المحاكاة الساخرة للسلسلة.[18]
نوستالجيا
داخل الإطار الخوارقي لسلسلة ما وراء الطبيعة، يكمن عالم حافل بالتفاصيل الحميمية زمنه سابق لزمن مُعظم قُراء السلسلة، وحتى مؤلفها. مُغامرات رفعت إسماعيل الذي ينتمي إلى جيل الأجداد ابتدأت في الخمسينات، واستمرت عبر الستينات والسبعينات. عاصر الملكية، والحرب العالمية الثانية، والثورة المصرية (وثورات العالم السياسية والثقافية والاجتماعية التي حدثت مُنذ الثلاثينات وحتى التسعينات)؛ وعبر رؤيته الساخرة للعالم، تتحسس سلسلة ما وراء الطبيعة عالماً قديماً بحنين زائد يتخفى خلف قناع من اللامبالاة والاعتقاد بسخف وضآلة البشرية.
ربما يكون عالم الستينات والسبعينات الذي تدور فيه معظم أحداث السلسلة هو الجوهر الأصيل فيها. حيث تعيش السلسلة فيه، تحن إليه، وتنتقده في الآن ذاته. في ذلك الزمن، كان العالم أكثر فخراً وبراءة. كان أصيلاً ومُفعماً بالأمل. كانت الحياة أقل تعقيداً، والثقافة حقيقية عميقة. لم يكن المجتمع قد انقلب إلى مُجتمع زائف مُنافق كما حدث فيما بعد في الثمانينات وما بعدها، حين سقط القناع عن القناع عن القناع كما يقول محمود درويش في مديح الظل العالي.
ينجح أحمد خالد توفيق في إحكام نسج التفاصيل الدقيقة الشفافة للفترات التي تدور السلسلة فيها، ولا ينسى أنه يكتب لقراء لم يعش غالبيتهم تلك الفترة، لذا يُذكرهم من حين لآخر بزمن الأحداث، طالباً منهم الصبر والتمهل لتذوق تفاصيل حُقبِ ما قبل العولمة. حيث يوظف الرموز الفنية والسياسية والإجتماعية لتلك الحُقب بشكل حقيقي فعال لاستكمال خلق صورة مُتكاملة حية لزمن لم يبق منه إلا الفٌتات.[19] الأمر الذي يخلق تفرد سلسلة ما وراء الطبيعة ببعدها الإنساني العميق، ويجعل الاقتراب منها نقدياً لتحليل بُناها السردية وتطور شخصياتها درامياً شيئاً ضرورياً للوصول إلى العمق الذي يمكن أن تبلغه السلاسل الخيالية التي تحاول بناء عالمها الخاص، سواء بمحاولة الإنطباق على العالم الواقعي، أو النأي عنه إلى أبعد مدى مُمكن.


[1] مُعدل الصدور الحالي للسلسلة هو عددان في السنة، وباقٍ منها عشرة أعداد.
[2] رُبما تجدر الإشارة في هذا السياق إلى مقال لأحمد خالد توفيق له نفس الفكرة بمعالجة مختلفة نسبياً: عن أدب الرعب في بلد مرعوب.
[3] استخدم الكوميدي البريطاني ريكي غيرفيز تعبيراً مشابهاً عن مسلسل كوميدي مشتق من عمل له في مجلة نيوزويك، ومنه استوحيت هذا التعبير، كما أن بيتر نيكولز Peter Nicholls مؤلف كتاب السينما الخيالية Fantastic Cinema يستخدم تعبيراً مشابهاً لدى الحديث عن السينما الخيالية مقارنة بأنواع السينما الأخرى، واصفاً إياها بالقريب الفقير الذي تحول إلى نادي الأغنياء الجدد ولم يخل من فظاظتهم.
[4] معظم مناقشات المعجبين والنقاد موجودة في منتديات عشاق السلسلة، ويمكن للمهتمين الوصول إليها بالبحث عن طريق غوغل.
[5] كلمة Plot بالإنكليزية تعني حبكة، وتعني مؤامرة. والحبكة في أبسط تعريف لها عبارة عن مؤامرة لإنشاء بنية قصصية تنفخ الحياة في عوالم لم تكن لتوجد قبل مؤامرة السرد التي يشترك فيها القارئ/المشاهد على اعتبار أن تفاعله/تآمره مع السرد هو مُبتغى العمل الفني النهائي، أو يُفترض أن يكون.
[6] هُناك استثناءات قليلة لافتة متناثرة في السلسلة، خصوصاً بعد كُتيب العلامات الدامية.
[7] أغلب الظن أن صاحب هذا التعبير هو بيتر نيكولز مؤلف كتاب السينما الخيالية.
[8] تنويع على مُصطلحات: الأوبرا الصابونية (المسلسلات النهارية الطويلة ذات المواضيع الاجتماعية)، الأوبرا الفضائية (الأفلام والمسلسلات التي تدور في الفضاء الخارجي)، وأوبرا الأحصنة (أفلام الويسترن).
[9] لشدة تأثره بالسينما، يقطع رفعت إسماعيل سرد وصول إيجور تاركوفسكي إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليُشير إلى فيلم آخر ليوسف شاهين، يظهر فيه تمثال الحرية على هيئة فاسقة ملطخة بالأصباغ وهي إشارة فجة وساذجة - من شاهين بوصفه مخرج الفيلم -، ومُقاطعة غير مؤثرة - من توفيق بوصفه كاتب القصة -.
[10] تبقى حلقة الرعب التي يُتوقع أن تُنهي السلسلة، ويُفترض أنها ستكون "الأفضل".
[11] يقول بيتر نيكولز في معرض حديثه عن ديفد كروننبرغ أن نظرته للشر في العالم نظرة مانوية، حيث الشر قوي وقادر، ويختار ضحاياه بشكل عشوائي، وهو قيمة خالصة في حد ذاته كالخير.
[12] تعبير "مقطوطة" الوارد في القصة، يرد في كتاب نيكولز، والغالب أن الكلمة تعود لمترجم الكتاب مدحت محفوظ.
[13] أوضح الإشارات إلى شخصيات وأحداث معروفة جاءت في قصص: المُطرب والمُخرج والصحفي.
[14] Fairy Tales
[15] أبشع قصص المجموعة يرويها الطبيب النازي فيرنز فرايمان الذي عمل مع جوزيف منجيل. عموماً، فإن جميع النازيين في سلسلة ما وراء الطبيعة أشرار إلى أبعد مدى، لكن هذه القصة المسوخية - المستندة على واحدة من الأساطير التي تُروى عن تجارب النازيين على السجناء، وشخصية جوزيف منجل الذي يُعرف بملاك الموت Angel of Death - تفوق الحد. هُناك رواية كابوسية رائعة رُبما تجدر الإشارة إليها في هذا السياق هي البحر والسم للياباني شوساكو إندو عن تجارب بشعة يجريها مجموعة من الأطباء اليابانيين على أسرى أمريكيين خلال الحرب العالمية الثانية.
[16] تنعكس الآية هُنا، فخطيئة لوسيفر الأساسية هي الكبرياء كما يُفترض. هنا يُزيح لوسيفر خطيئته إلى إسماعيل. الشرير الذي يحسب نفسه على صواب ويعتبر نفسه ممثلاً للخير يظهر حتى في أفلام الكارتون الموجهة للأطفال في الأساس. القاضي كلود فرولو من فيلم والت ديزني لعام 1996 أحدب نوتردام مثال جيد على هذا النمط من الشخصيات الشريرة في الفن وعلى تمثيلها حتى في قصص الكارتون.
[17] أظن أنني قرأت تعبيراً مشابهاً في مكان ما، وإن كُنت لا أذكر أين بالضبط. للأمانة، لم أنتبه إلى أن دراجوسان يُصبح نكرومانسر في الممر الآخر لأنني علقت في جهة التنين!
[18] يُقدم كتاب نيكولز، السينما الخيالية، معلومات وافرة عن أفلام الجياللو، وقاذورات الفيديو، ورعب الجسد؛ ويمثل مرجعاً هاماً حول الأفلام السينمائية الواقعة ضمن هذه التصنيفات حتى العام 1983. مُترجم الكتاب، مدحت محفوظ، قدم خدمة كبيرة لقراء العربية عندما ترجم الكتاب في 1993. من وجهة نظر شخصية، فإن هذا الكتاب لبنة أساسية لبناء رؤية نقدية متكاملة حول أفلام السينما الخيالية مُنذ نشأتها، حتى الآن. ومع الفيلموجرافيا التي يقدمها، يُصبح من السهل العثور على معظم الأفلام الواقعة ضمن تصنيف السينما الخيالية. تشمل إسهامات نيكولز الأخرى في مجال الخيال العلمي: موسوعة الخيال العلمي The Encyclopedia of Science Fiction. أيضاً، يُقدم أحمد خالد توفيق معلومات هامة عن هذه الأفلام، وأهم مخرجي وممثلي الرعب في موسوعة الظلام. الاهتمام الأكبر لموسوعة الظلام هو الرعب ورموزه، وليس السينما الخيالية على وجه التحديد.
[19] أعتقد أنه تنبغي الإشارة إلى أن فكرة السلسلة عن شر النازيين المُطلق هي فكرة رفعت إسماعيل عنهم بشكل عام، وهي فكرة تعود إلى قُرب العهد بالحرب العالمية الثانية وزمن سطوة النازية، وإلى الزمن الذي يسبق زمن ظهور النازيين الجُدد والثقافة التي تُمجد النازية، أو تعتقد أن النازية لم تكن بالسوء الذي يُروى عنها، وأن سمعتها السيئة عائدة إلى دعاية الحُلفاء السلبية، وتأثر أجيال كاملة من العجائز - الذين وصلوا إلى مرحلة المومياوات حالياً - بهذه الدعاية السلبية. بشكل عام، فإن مذابح الصهيونية - وهي حركة عُنصرية كالنازية - تحمل الجيل الجديد على التفكير جدياً في حقيقة النازية، وإضرارها بالإنسانية مُقارنة بالضرر التي تُحدثه الصهيونية وهي حركة لم تُجرم دولياً حتى الآن.