02 سبتمبر 2013

العدالة الاجتماعية؟



يبدو، في بعض الأحيان، أن العدالة الاجتماعي مُصطلحٌ يستخدمه المصلحون الاجتماعيون عندما يرغبون في تجنب غضب السُلطات الذي قد يواجهونه إذا تحدثوا عن الإصلاح السياسي في نظامٍ ديكتاتوري. من الأسهل الدعوة إلى العدالة الاجتماعية، عِوِض الدعوة إلى العدالة السياسية، العدالة الطائفية والعرقية، أو العدالة الاقتصادية. حتى في نظامٍ ديموقراطي، فإن الحديث عن الظلم السياسي أو العرقي - أو كليهما - يُضايق العامة. الحديث عن الظلم الاجتماعي يحظى بقبول أكثر بكثير من أي نوعٍ آخر من أنواع الظلم الواقعة على الأفراد والجماعات. مصطلح العدالة الاجتماعية، كذلك، أسهل تسويقاً على أساسٍ ديني، فنظرياً، لا يُمكِن ادعاء أن هناك ديناً قد يدعو إلى مجتمع يسحق الفقراء والضعفاء بلا رحمة.
العدالة الاجتماعية، كذلك، مُصطلحٌ يُمكِن تسويقه للرأسماليين والاشتراكيين معاً، بل ويمكن حتى تسويقه للشيوعيين. المصطلح لا يُرهِب الرأسماليين باستخدام كلماتٍ مرعبة مثل "المساواة". وفقاً للتفسير الرأسمالي للعدالة الاجتماعية، فإن الكل يحتفظ بحصص النفوذ والثروة التي في حيازتهم، وما عليهم إلا إظهار العطف والرحمة بمن هم أقل منهم حظاً. في المقابل، يقبل الاشتراكيون العدالة الاجتماعية على أنها تسوية بينهم وبين بقية العالم الرأسمالي، ففي منظورهم، تتعلق العدالة الاجتماعية بخلق مجتمع متوازن يقل فيه عدد الناس الذين يقعون ضحايا لطبقتهم أو دخلهم أو لونهم أو عرقهم أو جنسهم.
مفارقة مصطلح العدالة الاجتماعية أنّه قابلٌ للتمدد - في بعض الأحيان - ليشمل العدالة السياسية والعرقية والطائفية والاقتصادية، بما أن المجتمع هو الناتج عن هذه الأنظمة - السياسية والاقتصادية والعرقية - وأي خللٍ في المجتمع ينجم عن الخلل فيها. مصطلح العدالة الاجتماعية يُمكِن - كذلك - أن يتقلص ليتحول إلى مجرد نوعٍ من الصدقة والإحسان الذي يتجنب الحديث عن الطغيان، المغالطات التاريخية، وخرافات التفوق. وفي هذه الحالة، فإن العدالة الاجتماعية تتحول إلى حبة مسكن، هدفها تهدئة الأوجاع التي تظهر في المجتمع باستخدام حلولٍ مؤقتة، لكنها لا تزيل مسببات الخلل الاجتماعي، وبسبب دورها المُهدئ، فإنها تسمح للاعتلالات التي تطرأ على المجتمع بالتمدد والانتشار.
كذلك، ينبغي ملاحظة أنّه لا يمكن تحقيق أي إصلاح سياسي أو اجتماعي من دون حِسٍ عميق بالعدالة الاجتماعية في مجتمعٍ بعينه، ومن دون أن تكون راسخة فيه. العدالة الاجتماعية والإصلاح كأنهما أُروبورس، في حالةٍ بناء ونقضٍ مستمرة، ولا يمكِن فصلهما عن بعضهما البعض.
في مسألة العدالة الاجتماعية، لا توجد أجوبة حاسمة وشاملة. المفهوم نفسه ذاتي، يُمكِن للناس أن يُفكروا بشأنه معاً، ويطرحوا أفكارهم حوله، ويتناقشوا فيها، من دون أن يقرروا إجابة واحدة حاسمة ونهائية. الطريق إلى العدالة الاجتماعية يبدأ بالتشكيك في كُل المسلمات المجتمعية والعرقية والاقتصادية والسياسية، إذ أن هذه المسلمات تنطوي في داخلها على ظلمٍ عميق.