طريقة الممثل البريطاني ريف فاينز في الحوار أنيقة، أفكاره عميقة، تشبيهاته أدبية، ولغته راقية. موضوعه الأثير التمثيل، وأقرب إليه منه الشخصيات المُعذّبة والمضطربة التي يُجسدها في الأفلام وعلى خشبة المسرح. يُحاول فاينز فهم شخصياته وإضافة شيء من روحه إليها، وينتج عن محاولاته تأملاتٌ عميقة في طبيعة البشر والشر في العالم.
تأملات فاينز في طبائع الخلق تجعل أدواره صعبة النسيان، وخياراته في تجسيد شخصياته مغامرة تبدو غريبة وحادة المذاق أحياناً، غير أنها آسرة بشكلٍ ما. فأفكار فاينز، وتقمصه للشخصيات، وطريقته في الإلقاء مزيج من الفكر والثقافة والموهبة والإلهام.
صبيٌ صغير شديد الأذى
رُبما كان دور لورد فولدمورت - الذي قدم فاينز لجمهور هاري بوتر العريض - أقل أدواره قُرباً إلى نفسه، لكنه يُحاول من حينٍ لآخر التصالح مع الدور، والحديث عن طبيعة فولدمورت المشطوبة باليُتم والحرمان ورُهاب الموت والجنون المُبكر. مع ذلك، يبدو واضحاً في الأفلام أنه يتسلى بالدور متجولاً بعباءة سوداء قديمة - رُبما كان سكروج مكداك قريب أكلة الموت، لذا لا يشعرون بحرج وهم يبخلون على زعيمهم بعباءة جديدة -، ومتلوياً ومزمجراً في موقع التصوير كما يحلو له. ليس الأمر أنه يستخف بالدور، لكنه أدرك أن لورد فولدمورت قد وصل مرحلة بعيدة من الجنون تجعله مرحاً بشكل سوداوي، ومبتهجاً بالمعارك والتسلل إلى الوزارة. أفعال فولدمورت جدية ونتائجها مأساوية، لكن فولدمورت لا يحملها على محمل الجد أبداً، ويرتكبها بمرحٍ وخفة. حتى في مُلاحقته المحمومة لهاري، فإنه لا يستطيع إلا أن يكون ساخراً وطريفاً لأنه محمي بحصنه العقلي الذي يفصله عمن حوله عاطفياً وفكرياً، ويفصله عن الواقع - وقد يكون ذلك لأنه يتجول في موقع التصوير بعباءة شديدة التهوية. مشكلة فولدمورت أنه أذكى من اللازم، وأكثر رُهاباً من اللازم، لذلك لا يحمل الدمار على محمل الجد - كالأشرار الآخرين الذين يكادون ينفجرون لفرط إحساسهم بأهمية ذواتهم وما يفعلونه، وهو في ذلك أكثر إخافة ممن عداه، لأنه يجد بهجة صبيانية في الأذى، ولا يستطيع أن يتحمل مسؤولية أفعاله الأخلاقية، أو أن يُدرك الأذى الذي يُلحقه بالأرواح. الأذى بالنسبة إليه مُبهج، لذا يقوم به.
خيار فاينز في أداء الدور بهذا الشكل صعب لأنه قد لا يُرضي نسبة كبيرة من المشاهدين كانت تتوقع فولدمورت أكثر جدية وصرامة، وأقل مرحاً وطيشاً. فولدمورت صبياني بطريقة فاينز، وصبيانيته خطيرة، فشرير آخر أكثر جدية كان ليعامل أعدائه برحمة أكبر.
قبل دوره في هاري بوتر بسنواتٍ، فاز فاينز بجائزة توني لأفضل ممثل مسرحي في دور رئيسي عن دور هملت الذي يراه واحداً من أقرب أدواره إلى نفسه - ليكون أول ممثل يحصل على جائزة عن هذا الدور. أداء فاينز للدور الشهير لم يأخذ هملت على محمل الجد، ولم يُحاول أن يُضفي عليه الكبرياء والعظمة التي يحاول الممثلون الآخرون إضفاءها عليه. فقدم هملت أميراً مدللاً يركض على المسرح حافياً طوال الوقت، ويتحدث بالألغاز في محاولة لجذب انتباه أمه التي أحنقه أنها تزوجت وانصرف اهتمامها عنه - فرانشيسكا آنيس التي (سيخرب) بيته بسببها. قدم هملت الطفل المشاغب الذي يتسبب في مآسٍ مروعة - والجميع يموت في هذه المسرحية - رؤية مُغايرة للمأساة التي يُفتَرض أنها تعبيرٌ عن محنة المثقف في مُجتمع لا يستوعب معضلته العقلية، بينما هاملت فاينز ليس مثقفاً بل قارئ كتبٍ نهم -وبينهما فرقٌ بين. هملت - هنا - شيطانٌ صغير يرتكب مختلف الشقاوات ليُزعج أمه وعمه وأوفيليا وسكان القصر، ويُرهقهم بجنونه المُصطنع الذي تزيده حدة صبيانيته الشديدة وولعه بالمشاغبة. هلاوس هملت وأشباحه وسؤال كينونته وهواجسه عن الانتقام كانت كُلها نواتج خيالاته الطفولية الجامحة، وأفكاره الصبيانية الشيطانية.
خيارات فاينز في هذين الدورين قد لا تروق للكثيرين، لكنها تطرح وجهاتٍ نظر جديدة حول الشخصية، وبنيتها العقلية والنفسية، وتفسيراً مغايراً للتفسيرات السائدة للأدب. وفي هذه الخيارات جرأة محمودة تنقض أنماط التلقي القائمة، وتقدم وجوهاً أخرى للحقيقة لم يُبحَث عنها - كما ينبغي - من قبل.
تأملات فاينز في طبائع الخلق تجعل أدواره صعبة النسيان، وخياراته في تجسيد شخصياته مغامرة تبدو غريبة وحادة المذاق أحياناً، غير أنها آسرة بشكلٍ ما. فأفكار فاينز، وتقمصه للشخصيات، وطريقته في الإلقاء مزيج من الفكر والثقافة والموهبة والإلهام.
صبيٌ صغير شديد الأذى
رُبما كان دور لورد فولدمورت - الذي قدم فاينز لجمهور هاري بوتر العريض - أقل أدواره قُرباً إلى نفسه، لكنه يُحاول من حينٍ لآخر التصالح مع الدور، والحديث عن طبيعة فولدمورت المشطوبة باليُتم والحرمان ورُهاب الموت والجنون المُبكر. مع ذلك، يبدو واضحاً في الأفلام أنه يتسلى بالدور متجولاً بعباءة سوداء قديمة - رُبما كان سكروج مكداك قريب أكلة الموت، لذا لا يشعرون بحرج وهم يبخلون على زعيمهم بعباءة جديدة -، ومتلوياً ومزمجراً في موقع التصوير كما يحلو له. ليس الأمر أنه يستخف بالدور، لكنه أدرك أن لورد فولدمورت قد وصل مرحلة بعيدة من الجنون تجعله مرحاً بشكل سوداوي، ومبتهجاً بالمعارك والتسلل إلى الوزارة. أفعال فولدمورت جدية ونتائجها مأساوية، لكن فولدمورت لا يحملها على محمل الجد أبداً، ويرتكبها بمرحٍ وخفة. حتى في مُلاحقته المحمومة لهاري، فإنه لا يستطيع إلا أن يكون ساخراً وطريفاً لأنه محمي بحصنه العقلي الذي يفصله عمن حوله عاطفياً وفكرياً، ويفصله عن الواقع - وقد يكون ذلك لأنه يتجول في موقع التصوير بعباءة شديدة التهوية. مشكلة فولدمورت أنه أذكى من اللازم، وأكثر رُهاباً من اللازم، لذلك لا يحمل الدمار على محمل الجد - كالأشرار الآخرين الذين يكادون ينفجرون لفرط إحساسهم بأهمية ذواتهم وما يفعلونه، وهو في ذلك أكثر إخافة ممن عداه، لأنه يجد بهجة صبيانية في الأذى، ولا يستطيع أن يتحمل مسؤولية أفعاله الأخلاقية، أو أن يُدرك الأذى الذي يُلحقه بالأرواح. الأذى بالنسبة إليه مُبهج، لذا يقوم به.
خيار فاينز في أداء الدور بهذا الشكل صعب لأنه قد لا يُرضي نسبة كبيرة من المشاهدين كانت تتوقع فولدمورت أكثر جدية وصرامة، وأقل مرحاً وطيشاً. فولدمورت صبياني بطريقة فاينز، وصبيانيته خطيرة، فشرير آخر أكثر جدية كان ليعامل أعدائه برحمة أكبر.
قبل دوره في هاري بوتر بسنواتٍ، فاز فاينز بجائزة توني لأفضل ممثل مسرحي في دور رئيسي عن دور هملت الذي يراه واحداً من أقرب أدواره إلى نفسه - ليكون أول ممثل يحصل على جائزة عن هذا الدور. أداء فاينز للدور الشهير لم يأخذ هملت على محمل الجد، ولم يُحاول أن يُضفي عليه الكبرياء والعظمة التي يحاول الممثلون الآخرون إضفاءها عليه. فقدم هملت أميراً مدللاً يركض على المسرح حافياً طوال الوقت، ويتحدث بالألغاز في محاولة لجذب انتباه أمه التي أحنقه أنها تزوجت وانصرف اهتمامها عنه - فرانشيسكا آنيس التي (سيخرب) بيته بسببها. قدم هملت الطفل المشاغب الذي يتسبب في مآسٍ مروعة - والجميع يموت في هذه المسرحية - رؤية مُغايرة للمأساة التي يُفتَرض أنها تعبيرٌ عن محنة المثقف في مُجتمع لا يستوعب معضلته العقلية، بينما هاملت فاينز ليس مثقفاً بل قارئ كتبٍ نهم -وبينهما فرقٌ بين. هملت - هنا - شيطانٌ صغير يرتكب مختلف الشقاوات ليُزعج أمه وعمه وأوفيليا وسكان القصر، ويُرهقهم بجنونه المُصطنع الذي تزيده حدة صبيانيته الشديدة وولعه بالمشاغبة. هلاوس هملت وأشباحه وسؤال كينونته وهواجسه عن الانتقام كانت كُلها نواتج خيالاته الطفولية الجامحة، وأفكاره الصبيانية الشيطانية.
خيارات فاينز في هذين الدورين قد لا تروق للكثيرين، لكنها تطرح وجهاتٍ نظر جديدة حول الشخصية، وبنيتها العقلية والنفسية، وتفسيراً مغايراً للتفسيرات السائدة للأدب. وفي هذه الخيارات جرأة محمودة تنقض أنماط التلقي القائمة، وتقدم وجوهاً أخرى للحقيقة لم يُبحَث عنها - كما ينبغي - من قبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق