14 مارس 2009

السابع: النشر يحتضر!

في 2004، تتبعت مؤسسة نايلسن بوك سكان مبيعات مليون ومائتي ألف كتاب في الولايات المتحدة، وهذا ما وجدته:
  • من هذه الكتب التي يبلغ عددها مليوناً ومائتي ألف، تسعمائة وخمسون ألفاً باعت أقل من تسعة وتسعين نسخة
  • مائتا ألفٍ أخرى باعت أقل من ألف نسخة
  • فقط، خمسة وعشرون ألف كتاباً باع أكثر من خمسة آلاف نسخة
  • أقل من خمسمائة كتاب باع أكثر من مائة ألف نسخة
  • فقط، عشرة كتب باعت مليون نسخة
  • الكتاب المتوسط يبيع خمسمائة نسخة في الولايات المتحدة
إذا كنت تقرأ هذه النقاط - خصوصاً الأخيرة - وتُفكر: "خمسمائة نسخة فقط! ما فائدة المحاولة؟" عندها أقول:
برافو! توقف عن الكتابة وسيكون لديك المزيد من الوقت لتقرأ كُتباً كتبها آخرون يكتبون خيراً منك.

هُناك أسبابٌ عديدة تجعل من هذه الأرقام إحصائيات لا تُمثل الصناعة بمجملها. فالمؤسسة تتعقب أرقام ISBN (ردمك) وليس عناوين الكتب، مما يجعل المُحتسب 70% من سوق التجزئة فقط. كما أن عدد المليون ومائتي ألف يضم القوائم والمطبوعات الصغيرة والكتب المطبوعة حسب الطلب وحتى التقاويم، بينما لا يضم أمازون أو وال مارت، حيث أنه يغطي سوق الولايات المتحدة فقط.

ومع ذلك، بناء على هذه الأرقام، فإن تقارير موت صناعة النشر مُبالغٌ فيها إلى حدٍ كبير. هُناك خمسة وعشرون ألف كتابٍ باع - على الأقل - مائة وثمانين مليون نسخة بمتوسط حسابي قدره سبعة آلاف ومائتا نسخة.

هل تعتقد أن هُناك خمسة وعشرين ألف كتابٍ في العالم يستحق القراءة؟ وإذا لم تكن قد حاولت قراءة الكتب التي تستحق القراءة بعد، ألا ينبغي أن تأسف على نفسك؟

شون لندسي، 13 نوفمبر 2006
Reason #7: Publishing Is Dying


تعليق: كان يحتضر، وسيظل يحتضر
كُتبت هذه التدوينة قبل عامين تقريباً. وقتها، لم تكن الأزمة الاقتصادية العالمية قد استشرت. في 2009، يقول كثير من الوكلاء الأدبيين – أندرو لوني على سبيل المثال – أن عدد الكُتب المُباعة لدور النشر لم ينخفض نتيجة للأزمة المالية، ما انخفض بسببها كان المبالغ التي تدفعها دور النشر لشراء الكُتب.
في العالم كله، وعبر التاريخ الأدبي منذ اختراع الطباعة، كان الكُتاب يتذمرون من احتضار النشر، وكل مرحلة تُعلن أن النشر بات يحتضر. كان النشر يحتضر في القرن العشرين، وقبله احتضر في التاسع عشر والثامن عشر والسابع عشر والسادس عشر، وسيواصل احتضاره في القرن الحادي والعشرين، ورُبما سيعبر إلى القرن الثاني والعشرين محتضراً. عملية النشر بطيئة عموماً، خصوصاً للذين ينشرون للمرة الأولى، أو الذين لا ينالون اهتماماً إعلامياً كافياً، غير أن عجلة النشر مستمرة في الدوران رغم تذمر الناشرين من رداءة طباع الكتاب وانحسار الاهتمام بالقراءة. وسوق الكتب تدر مالاً، قد يقل وقد يكثر، لكنه مالٌ آخر الأمر، خصوصاً وأن الكتاب قد تحول إلى سلعة كمالية في ظل المعايير الثقافية التي تسود العالم هذه الأيام.
في البلاد العربية – بوصفها جزءاً من العالم -، النشر يحتضر منذ فترة، وكل مرة يطول احتضاره من دون أن يعلن أحدٌ وفاته حتى الآن. سوق النشر بالعربية أقل بكثير منه بلغاتٍ أخرى، لكن هذا لا يعني أنه احتضر، فكثيرٌ من الكُتب يُنشر، ونسبة لا بأس بها منها تستحق القراءة. قد تزيد نسبة الكتب المطبوعة وقد تنخفض من وقتٍ لآخر، لكن معدل النشر يبقى فوق مستوى الاحتضار، وإن كان دون مستويات النشر في بقاعٍ أخرى كثيرة من العالم.

هناك تعليقان (2):

  1. النشر يحتضر في الوطن العربي منذ ميلاده.
    آسف لتلك النظرة المتشائمة.
    ولكنها الحقيقة للأسف.

    في مصر مثلاً تجدي العشرات من دور النشر ولكن الكتب الهزلية بالمئات.
    كتب يقول عنها أحد أصدقائي تـُقرأ في المرحاض ان قـُرأت!!

    تكلمتي عن أرقام خيالية في عدد النسخ المباعة.
    من يصدر هنا طبعة ثانية يظن أن "أمه قد دعت له في ساعة صفا".

    وحسب ما أعلم وأتمني أن أكون مخطئاً أن الطبعة الواحدة بها 3 آلاف نسخة والعهدة علي الراوي.

    النشر عند العرب يحتضر لأنه وبكل بساطة رغيف العيش - الخبز - أولي!!

    تحياتي الشديدة
    أسامة

    ردحذف
  2. مرحباً أسامة..
    النشر يحتضر في كل مكان وفي كل زمان، هذه فكرة التعليق. ربما يكون من المجدي - أحياناً - محاولة تحاشي المقولات المعممة كاحتضار النشر، لأن عملية النشر في العالم - والعالم العربي - تشهد أطول عملية احتضار يمكن تخيلها من دون إعلان وفاة، وقد يعني ذلك أن ما نظنه احتضاراً ليس في واقع الأمر غير طبيعة من طبائع النشر: كونه بطيء الدورات.
    أما بالنسبة للكتب، فالقيم فيها نسبية - مثلها مثل أي شيء آخر - وما تراه لا يستحق القراءة قد يكون مقروءاً ومطلوباً من قبل آخرين. فما دام الكتاب قد طُبع، فإن هناك قراء له.
    أحياناً يحدث أن يحتد ناقد في تقييم الكتاب، فيشط بعيداً إلى حد المطالبة بمنع الكتاب من النشر لأنه - في نظره - غير مستحقٍ لذلك. مثل هذا الشطط لا يصلح معياراً، فلا يوجد قياس موحد يمكن أن تخضع له الكتب لتحديد ما يتوجب على دور النشر نشره وما يتوجب عليها تجنبه، لأن فتح الباب لمثل هذه التقنينات سيقود إلى فرض طوق حديدي على كل أشكال الفكر يقضي على كل بوادر تجديد الفكر العربي.
    بالنسبة لما تصفه بأنه "أرقام خيالية" فالتدوينة الأصلية تتحدث عن سوق النشر الأمريكية لا العربية. أما التعليق فيتحدث عن سوق النشر العالمية - والعربية.
    فيما يتعلق بالمبيعات، نعم، هناك مقولة منتشرة ترى أن عدد نسخ أي كتاب في أي طبعة ثلاثة آلاف نسخة. لكن هذا العدد ليس ثابتاً، فهناك كتب تطبع خمسمائة نسخة فقط، وتواصل على المنوال نفسه في طبعاتها اللاحقة.
    أما بالنسبة لأولوية رغيف الخبز، فأولوية الخبز حاضرة في كل الثقافات، إذ لا يمكن لشعبٍ جائع أن يقرأ.
    تحياتي..

    ردحذف