03 مايو 2009

فوضى الغرباء

للغرباء دوماً فوضى ينثرونها
لكنني تعلمت محوها بطقطقة أصابعي
لا يمكنهم المشي ميلاً بحذائي إيف سان لوران
فأحكم ربطه، وأسير متخلصة منهم

جعلتهم يقولون: لا أصدق أنها فعلتها!
لم تفعلها!
جُنوا بطبيعتي الوحشية،
صاروا يقولون: نعم، فعلتها!
غير أنني لا أصدق أنها فعلتها!

حتى إذا حاولوا
ليس بإمكانهم السير ميلاً بهذا الحذاء
لا يمكنهم حتى ارتداؤه بشكل صحيح
حذاء السهرة أكبر من قدرتهم
فعشرة ملايين رجلٍ لا يمكنهم السير ميلاً بهذا الحذاء

أتبختر بضراوة
- حتى أن ستيفن قد استاء مني
ضاحكاً وساخراً مني وراء ظهري
لكنهم لن يحصلوا أبداً على أفضل ما عندي -
أراهم يرقصون رقصتي
وأسمعهم يغنون أغنيتي
أتفوق على الكل
لأنني نشأت هكذا

أمشي بفخر، لا أدع كراهيتهم تنالني
يتندمون حسرة
رؤوسهم تعلوا الماء ومع ذلك لا يمكنهم التنفس
تقعقع قدماي على الأرض بينما أخطو واثقة
وأتحداهم أن يسيروا ميلاً في حذائي

فحتى إذا حاولوا
ليس بإمكانهم السير ميلاً بهذا الحذاء
لا يمكنهم حتى ارتداؤه بشكل صحيح
حذاء السهرة أكبر من قدرتهم
فعشرة ملايين رجلٍ لا يمكنهم السير ميلاً بهذا الحذاء

هناك 4 تعليقات:

  1. قصيدة للحذاء، أو لعلها قصيدة تصف جموح المرأة واعتدادها بنفسها من خلال الحذاء الذي ترتديه.
    والواقع أنني لا اعرف قصّة الأغنية ولا مناسبتها لكن من خلال كلماتها يمكن للمرء أن يتخيّل أن المغنية الجميلة قد تكون ضاقت ذرعا بالإشاعات والقصص التي تلاحقها "امشي بفخر، لا ادع كراهيتهم تنالني" فردّت عليها بهذه الطريقة الغريبة. الفكرة جديدة وطريفة إلى حد ما. وأظنّ أن أجمل ما في الأغنية اسمها الموحي.
    ذكّرتني بالأغنية العربية المشهورة "يا شبشب الهنا"، مع الفارق طبعا.
    اختيار جميل كالعادة.
    تحيّاتي.
    بروميثيوس

    ردحذف
  2. مرحباً بك بروميثيوس..
    ترجمت هذه الأغنية بسبب المنظور الثوري الذي يُقدمه الحذاء عالي الكعب فيها، إذ يتحول من رمزٍ للأناقة والجمال المقترن بالاستعباد إلى رمزٍ للهوية الأنثوية.
    حياة النساء محكومة بالألم والمعاناة منذ بداية وعيهن على ذواتهن الأنثوية لأن الطبيعة تستهلكهن لحفظ النوع، ويستمر استهلاكهن عن طريق متطلبات عوائلهن، فهُناك أطفالٌ ينبغي إطعامهم وتمريضهم والعناية بهم، وزوجٌ ينبغي تدليله، وأقارب آخرون ينبغي أن يُعتنى بهم.
    إذا كان الأولاد جامحين، فالخطأ خطأ أمهم لأن الأم الصالحة يُمكنها أن تحكم أولادها. إذا كان الأولاد خانعين، فالخطأ خطأ أمهم لأن الأم الصالحة تُربي أولاداً أقوياء. إذا كان الزوج فاشلاً، فالخطأ خطأ زوجته لأن الزوجة الصالحة تجعل من زوجها رجلاً ناجحاً. إذا كان الزوج سيء الطباع، فالخطأ خطأ زوجته لأن الزوجة الصالحة تُهذِب طباع زوجها. إذا كان البيت متسخاً، فهي لا تستحق الحياة التي تحياها، وإذا كان كُل شيء كاملاً غير أن علامات التعب تظهر عليها، فهي مجرد عبء على العائلة يحجب وجهها المشرق. ينبغي أن تكون كاملة، مشرقة، مبتسمة، أنيقة طوال الوقت. حتى لو كانت مُنهكة، حتى لو كانت حياتها قعر هوة مظلمة.
    هذا ما تتحدث عنه الأغنية، فالغرباء ينثرون الفوضى في حياتها، الغرباء المجتمع الذي يُحاكم المرأة بقسوة ويُحملها أعباء هرقلية. هُناك أيضاً الرجال الذين يعتبرون المرأة أقل منهم - ستيفن وغيره، لكنهم يغنون أغنيتها ويرقصون رقصتها - لأنها تطمعهم وتعتني بهم وتخفف عنهم وتتدبر شؤونهم.
    الكعب العالي - حذاء إيف سان لوران، وحذاء السهرة - رمزٌ للسيطرة والتوازن، فالكعب العالي يتطلب نوعاً من التبختر لا يتأتى مع ارتداء الأحذية العادية، وارتداؤه أمرٌ صعب. المرأة التي تستطيع ارتداء الكعب العالي والتحرك به بسهولة تمشي ملكة، وتُري العالم أنها قادرة على التحكم في كُل كبيرة وصغيرة. أنها مُكتملة وقادرة. المرأة بالكعب العالي رمزٌ للتعالي على الألم، وللقدرة على تحمل الأعباء بأناقة وكبرياء. لذا يأتي التحدي في الأغنية، فلا أحد غير امرأة قوية وقادرة يُمكنه ارتداء الكعب العالي والسير به مسافاتٍ طويلة. لذا تكون هذه المرأة مكروهة ومحسودة بسبب قدرتها على السيطرة على حياتها، وأناقتها، وصلابتها وفخرها. "أمشي بفخر، ولا أدع كراهيتهم تنالني".
    رُبما تكون في الأغنية شذرات من حياة لوبيز، لكن لوبيز تتوارى خلف العمل الفني، فالعمل الفني هُنا تعبير عن أنا جمعية للنساء اللائي تتحدث عنهن الأغنية، وتعبيرٌ عن هوية صلبة قادرة على تحمل أعباء هرقلية بكبرياء وخيلاء. هُنا يتوارى المؤلف - يموت حسب تعبير رولان بارت - ويظهر العمل الفني بتجليه واكتماله بعيداً عن السيرة الذاتية لأي فنان. هذا ما يجعل "ميلاً في هذا الحذاء" تستحق عناء الترجمة، بينما يجعل ترجمة "جيني من الحي" عملاً لا فكر فيه.
    "يا شبشب الهنا" أغنية طريفة ناتجة عن مزاجٍ عالٍ - لأسباب لا نعرفها، رُبما يكون فيها شيء من هذه الأغنية. من يدري؟
    شكراً لك بروميثيوس على حضورك الجميل، وتعليقك الذي يفتح باباً لنقاشٍ جديد.
    تحياتي القلبية..

    ردحذف
  3. بل الشكر الجزيل لك يا عزيزي على هذه الاضاءات الجميلة.
    لفتني كلامك الرائع عن دلالات الكعب وكيف تحوّل من رمز للجمال المقترن بالاستعباد إلى رمز للهوية الأنثوية.
    وأتصوّر انك بردّك فتحت عيني على الكثير من الأمور التي تستأهل التفكير والتأمّل. الحقيقة أنني ما كنت احسب أن كلمات أغنية بسيطة يمكن أن تتضمّن كل هذه المعاني والإسقاطات العميقة.
    وردّك الثاني أجبرني على الاستماع إلى الأغنية وقراءة كلماتها مرّتين ثم أعدت قراءة ما كتبته هنا فوجدته مقنعا. ترى، لو تمعنا في أوضاع النساء في مجتمعاتنا فكم أغنية مثل هذه تكفي لان تصوّر ظلاماتهن وهمومهن التي لا تعدّ ولا تحصى؟ وإذا كانت جينيفر لوبيز وبنات جنسها في الغرب ما زلن يشتكين من أوضاعهن مع كل ما تحقق لهن من مساواة وحقوق فكيف هي أحوال النساء العربيات اللاتي ما زال أمامهن مشوار طويل من العذاب والمعاناة لنيل ولو الحدّ الأدنى من الحقوق الإنسانية؟
    شكرا جزيلا لك على كلّ ما كتبته والى لقاء قريب.
    بروميثيوس

    ردحذف
  4. إنما الشكر الجزيل لك عزيزي بروميثيوس، فتعليقاتك تفتح دائماً الباب للنقاش وتبادل الأفكار.
    أعتقد أن جوهر الظلم الواقع على أي إنسان يكمن في تشويه هويته. إذا شُوهت هوية إنسان سُلبت منه إنسانيته وحقوقه. الهوية النسائية متخبطة وتعرضت للتشويه خلال دهور طويلة. هذا ما يوحد مشكلة النساء في العالم كله. بينما تزداد المشكلة عند النساء العربيات لأنهن لا يعين الإطار الذي وضعن فيه وشوه هوياتهن، بسبب الأمية وبسبب خلل في المفهوم - بالنسبة للمتعلمات منهن، فليس سهلاً تحديد مكمن الخلل واستعادة هوية قد تعرضت لكل هذا القدر من التشويه.
    لكن القادم خيرٌ بإذن الله.
    تحياتي القلبية..

    ردحذف