يعتقد أرسطو أن المأساة Tragedy تتفوق على الملحمة Epic والملهاة Comedy وغيرها من أشكال التعبير الفني، ويُفسِرُ اعتقاده بأسبابٍ عديدة، منها: أن المأساة الحقة عميقة وعظيمة، وأن زمنها مُحدد، وأن مقياسها أكبر من الحياة، وأن الموسيقى تصحب أحداثها. السبب الأهمُ الذي يجعل المأساة أعظم أشكال التعبير الفني أن مصدر المعاناة فيها قرارات البطل المأساوي نفسه: الخلل الذاتي المؤدي للسقوط. البطل المأساوي لا يُعاني نتائج أفعال غيره، وتأتي عظمته من قدرته الخاصة على ارتكابِ الأفعال العظيمة والشريرة، ومن ثم تحمل العواقب. ما يجعلُ المأساة شكلاً فريداً من أشكال التعبير الفني أنها عمل فردي إذ لا يوجد ثنائيات في المأساة الحقة: هُناك أوديب وحده، أنتيغونا وحدها، مكبث وحده.
عدا المأساة، فإن كُل الخيال القصصي يعتمدُ على الثنائيات: البطل والشرير، العامل الرئيسي والعامل المضاد، الملاك والشيطان. الثنائيات قاعدة في الميثولوجيا الدينية: النور والظلمة، سِت وأوزيريس، أهورا مزدا وأهريمان، أودِن ولوكي، الآلهة والتايتنات. وفي الحكايات الشعبية، فإنه لابد من أمنا الغولة لتكتمل مغامرات الشاطر حسن. وفي الثقافة الشعبية هناك: شرلوك هولمز وجيمس موريارتي، سوبرمان ولِكس لوثر، لوك سكايووكر ودارث فيدر، هاري بوتر ولورد فولدمورت، كريتُس وزيوس، آبل وIBM، غنو لينكس ومايكروسوفت. لتنجح هذه الثنائيات، فإنه ينبغي أن تكون العلاقة تبادلية بين البطل وخصمه، بحيث يكون الخصمُ مساوياً للبطل في قدراته الشخصية، ويصير الصراع بينهما متكافئ القوى، مما يحول سعي البطل إلى ملحمة.
في هذا النظام الثنائي، قد يتحول التركيز إلى الشرير (العامل المضاد) بوصفه المُحرك الرئيسي للصراع، كما في أفلام نهضة ديزني حيثُ طموحات أشرارٍ مثل سكار (الأسد الملك) وجعفر (علاء الدين) منبع الحدث الدرامي. بل إن الشرير قد يصير حالةً مُطلقة كما هو الحال مع القاضي كلود فرولو في فيلم أحدب نوتردام (1996)، إذ أنه ليسَ شريراً يواجهه بطلٌ واحدٌ، وإنما تواجهه بقيةُ شخصيات الفيلم: كوازيمودو وإزميرالدا ورئيس شمامسة نوتردام وفيبُس - والكراغل الحجرية - ولا تأتي نهايته نتيجة لانتصار البطل - الحتمي - بل نتيجة لما يُمكن أن يوصف بأنه تدخلٌ إلهي. (إلى حدٍ ما، تُحقق حالة كلود فرولو شروط المأساة، ويُمكِن - بقليلٍ من سعة الخيال - اعتباره بطلاً مأساوياً).
يُذكِر د. فرانتز لوسيفر من سلسلة ما وراء الطبيعة بالقاضي كلود فرولو إلى حدٍ ما، إذ أنه شريرُ السلسلة المُطلق الذي لا يُمكِن للبطل (رفعت إسماعيل) احتواؤه، أو حتى مُقارعته وجهاً لوجه، ويحتاجُ الخلاص منه إلى تدخلٍ إلهي. يتحركُ فرولو من قاعدةِ أنه رجلُ الله في أرضه، ويتحركُ د. لوسيفر من قاعدةِ أنه - بوصفه الشيطان - واحدٌ من أدواتِ الخلق، وجزءٌ من الحياة التي لا تكتمل إلا بالضوء والظل.
يُثير لوسيفر الاهتمامَ لأسبابٍ أخرى غيرَ كونه الشيطان، فبوصفه شريرَ السلسلة، يُفترض برفعت إسماعيل - الذي يصطف في الجانب الخيّر دائماً - أن يُمقته. رفعتُ يُمقت لوسيفر فعلاً، غير أنه لا يستطيع التغلب على انبهاره الشديد به. تمر كُل شخصياتِ ما وراء الطبيعة إلى القراء عبر منظاره: مملة، مليئة بالعيوب، ولا شيء مهمٌ بشأنها، إلا عندما يتعلق الأمر بلوسيفر الذي ينقل عنه أدق تفاصيل حركاته وسكناته وتعبيراته، غير قادرٍ على إخفاء انبهاره به، وحسده له.
يُعادي رفعت لوسيفر في حكايات التاروت من النظرة الأولى، لأنه نجم الحفلةِ والشخص الذي جاء الجميعُ من أجله، بينما رفعت وصديقاه مجرد شخصياتٍ هامشية لا يأبه بها أحد. إنه يتحدث عن الحب في غرفةٍ باردةٍ ملأى بالغرباء، ويظهر ثرياً، مهيباُ، ومسيطراً، بينما رفعت يشعر بعدم الارتياح في بيئةٍ غريبة ومعادية، وفي حضور رجلٌ غريبٍ يرتدي قرطاً. يزداد العداء بين الاثنين بسبب احتقار رفعت المُطلق للسحر والكهانة، وينتقم منه لوسيفر بدق أسس يقينه العلمي عن طريقِ إخباره بما لا يعمله أحدٌ عنه. يُقدم لوسيفر قصةً طريفة عن مصير رفعت، تحملُ شبهاً بما سيحدث لاحقاً، ولا تعني أكثر من معابثة عابرة، بينما يبذر بذوراً شريرة في بقية الحضور، تؤدي بهم إلى ارتكاب جرائم مروعة لاحقاً. لقد اختار رفعت ليصير سخريته الدائمة عقاباً له على الموقف المتعالي الذي أبداه نحوه من البداية. (يتمتع فرانتز لوسيفر بحسِ فكاهةٍ عالٍ، مع أن رفعت يعتقد حقاً أنه لا يفهم النكات. كونه يفهم النكاتُ أو لا يفهمها مسألةٌ غير ذاتِ أهمية لأن رفعت يختارُ أوقاتاً غير ملائمةٍ لها، قاصداً تسخيف أفكارِه).
المسألة ألا شيء في رفعت يُغري كياناً شيطانياً يجعله عدواً له، لأن رفعت آخر شخصٌ في العالم يُمكِن أن يفهم الشطحات العبقرية التي تدفع الشخصيات الأخرى في السلسلة إلى القيامِ بأعمالٍ جنونية (استكشاف كهوف تسيلي، إحياء أسطورة ميدوسا، جمع كتاب العزيف، استخدام الفيزياء لاستكشاف العالم وراء الطبيعي، ......)، بل إنه يُمقت اللوحات الأصلية في المتاحف لأن [ضربات الفرشاة تكون واضحة وخشنة فيها، بينما تجعلها الصور في المجلات جميلة ومضبوطة الألوان]. لكنه لا يزالُ متصلاً بعالم ما وراء الطبيعة بشكلٍ أو بآخر، إنه ليسَ مُغامراً ولا شاعراً، لكنه رجلٌ مُثقف "يفهم في هذه الأمور" ويُمكنه أن يتخذ منها موقفاً عقلانياً. إنه رجلُ عصر الأنوار المتمسِك بالعقل المحض - وإن كان الزمن قد أجبره على الإقرار بوجود أمورٍ لا يُدركها العلم. وإلى حدٍ ما، يُشبِهُ رفعت الشاعر الإنكليزي سامويل تايلر كولردج، الذي يرى كثيرٌ من نقاد الأدب الإنكليزي أنه ليسَ شاعراً حقاً - رغم "أغنية البحار القديم" و"قبلاي خان" - وإنما رجلاً يُحسِنُ فهم الشعر، ومُدمِنَ أفيون قادراً على تذكر رؤاه بوضوح، لذلك أمكن له أن يكتب قصائد عبقريةً في بربريتها. صحيحٌ أن رفعت ليسَ مُدمِنَ أفيون، لكن معرفته الواسعة بعالم الخوارق تعمل في لا وعيه، بحيثُ يُمكِنُ فعلاً أن يكون مجرد عجوزٍ خرف يختلق الحكايات.
لكن في رفعت ما قد يُغري رجلاً عبقرياً بعدائه والسخرية منه: إنه انتقامٌ مُستمرٌ يُنزله لوسيفر بالرجل الذي سخرَ منه ذات مرةٍ بينما آمن الآخرون به. وحصانة رفعت الطبيعية تجاه الشطحات العبقرية تجعله موضع إغراء لكُل ذوي الطموحات العبقرية في السلسلة (تابيثا، المستكشف الإيطالي، فرانكنشتاين،......). لذلك، يدعوه لوسيفر إلى (حفلاته) الخاصة من حينٍ لآخر. في مرحلةٍ ما من السلسلة، يتحول لوسيفر من كونه (رجلاً) إلى كونه (كائناً)، وتصير المسألة واضحة بلا مواربة: رفعت إسماعيل يتعامل مع الشيطان مُباشرة - أو وكيله - من دون أن يكون هناك سببٌ يوجِب هذا التعامل، فرفعت ليس ساحراً، وليس مفتوناً بما لا يعرفه، ولا يهتمُ بشحطات العبقرية البربرية. إن كون لوسيفر رجلاً يجعل فهم الضغينة التي يُكنها لرفعت الذي لا يُدرِكُ أن العبقرية - بحد ذاتها - أمرٌ خارقٌ للطبيعة مُمكنأما كونه شيطاناً فيجعل الفكرة أكبرُ من العبارة، لأن بناء ما وراء الطبيعة - على ما هو عليه الآن - لا يستوعِبُ الثِقلَ الفلسفي للفاوستية، ولأن شخصية رفعت إسماعيل ليست صالحةً لأن تكون في عداد الشخصيات الفاوستية، ذلك أنه لم يُجِرِب صنع شيء يتطلب عبقرية ما، وليس فيلسوفاً.
في أسطورة شبه مخيفة، تصيرُ الأمورُ مخالفةً لطبيعة السرد القصصي حقاً، ففرانتز لوسيفر يتحول إلى شيطانٍ متغير الشكل يُتعِبُ نفسه بالتدبير عامين لمكيدةٍ جديدة لرفعت وحبيبته الأزلية ماغي - هذه المرة - ويظهر بصورةٍ مُختلفة في معظم القصة - ولو إنه من المُمكِن التنبؤ باكراً بأن د. نورمان هارتفورد هو لوسيفر من انبهار رفعت الشديد به. هُناك الدُعابة - غير الموفقة إطلاقاً - في نهاية الرواية، وفيها يظهر أن رفعت وحياته كلها قصةً يكتبها خرياسوس المدون ليُسلي أباه لوسيفر. هُناك كمٌ كبير من التحفظات على مواهِب السيد خرياسوس الكتابية، وعلى ذوق السيد لوسيفر الأدبي، لكن المسألة تتجاوز هذه الشكليات إلى فقدان الدافع السردي، وسقوط حبكة لوسيفر الفرعية في السلسلة سقوطاً مدوياً.
مشكلةُ أسطورة شبه مخيفة الأولى أنه ليسَ هُناكَ سببٌ مُقنِع يُحرِك الأحداث: كاتبٌ يكتب قصص رعب تتحقق، ويتضح أنه ابن لوسيفر الذي يُدبِرُ مقلباً لرفعت من دون سببٍ وجيه. الأمرُ لا يتعلق هُنا بدعوةٍ إلى جانب النجوم، أو إرسال صندوقٍ إلى رفعت، بل بخطةٍ مُدبرةٍ للإيقاع به وبحبيبته من دون أن يكون لهذا هدفٌ أكبر. حتى حب لوسيفر للتسلية والعبث لا يستطيعُ أن يُنقذ حبكة هذه القصة، لذلك جاءت (دعابة) النهاية، فإذا كان من المستحيل إقناع القراء بأن رفعت أوقع بابن لوسيفر في الحفرة التي حفرها بنفسه، فإنهم سيستشيطون غضباً بسبب النهاية التي يتضح فيها أن كُلَ شيء مكتوب جاء من وحي خيالِ خرياسوس المدون، وعليه سينتقل الجدل إلى منطقةٍ مُختلفة بعيدةٍ عن الاستحقاق الأدبي. (هُناك حرب التشكيك في النوايا المعتادة، والدفاع المُعتاد بحجة "الكاتب الفلاني استخدم هذه التقنية"، وفلسفة "إنها قصة يا جماعة" المعتادة).
هُناكَ أيضاً فكرةُ الكاتب محدود الموهبة والشهرة. لقد كان مقبولاً في حكايات التاروت أن يكون لوسيفر ساحراً لم يسمع به أحد خارج دوائر السحر المُغلقة بوصفه (خبيراً) كما هو الحال مع خُبراء التقنية - مثلاً - ممن يحصلون على أجورٍ عالية نظير خدماتهم الاستثنائية، ويعرفهم أهل التخصص، بينما يجهلهم الجمهور العريض. الأمرُ مختلفٌ في أسطورة شبه مُخيفة لأن شخصية لوسيفر قد تغيرت من رجلٍ عبقري إلى كيانٍ شيطاني، ولأن ابنه كاتبُ رعبٍ يكتب للجمهور العريض، لا خبيراً في (تخصصٍ دقيق) كما كان أبوه في بداية السلسلة. من الصعب تصديق أن لوسيفر لا يستطيعُ أن يجعل ابنه أفضل وأشهر كاتب رعبٍ في العالم أجمع، بينما يسخر كافة قواه ليهزأ برفعت. الأمرُ يتعدى حدود المقبول سردياً، لكنه قريبٌ من عالم رفعت إسماعيل النفسي، إذ يستحيلُ على رفعت الواقع في منطقة الوسط أن يقترن بأيِ خُطة عالمية طموحة. إنه رجلٌ متواضع، وأعداؤه أناسٌ متواضعون ينصبون له مقالب متواضعة.
الشرخُ في شخصيةِ لوسيفر ظهرَ واضحاً في هذه القصة، فبعد أن كان شخصاً عبقرياً غير معروف النوايا - مثل تابيثا مكغفرت - صار كياناً شيطانياً، ثم كياناً شيطانياً له ابن ضعيف قبيح المنظر، ثم كياناً شيطانياً يتورط في مقالب سخيفة. (وما من شكٍ في أنه لن يُقبل بعدها في النادي الشيطاني الذي يضم مفستوفِلِس وبعلزبوب وفولند، رغم أن اسمه لوسيفر، مما يعني أن رتبته أعلى من رُتبهم. ذلك أن ترتيب القيادة الجهنمية التقليدي يضع لوسيفر في أعلى الهرم، ثم يليه بعلزبوب، فمفستوفِلِس - الذي يعمل مبعوثاً رسمياً ومحصل ديون ووكيلاً إدارياً لجهنم.)
بتجاهل أسطورة شبه مخيفة وصندوق بندورا، فإن شخصية لوسيفر تصلُ أعلى نقطةٍ لها في جانب النجوم، حيثُ يُحقق لوسيفر الفرض المبدأي لشخصيته، ويحمل رفعت على مواجهة الشر مُباشرة. مجموعة في جانب النجوم مقبضة، سوداوية، وخانقة كما يُفترض بالشرِ أن يكون، ورفعت لا يستطيع فيها إلا أن يكون طفلاً صارخاً غير قادرٍ على احتمالِ فكرةِ أن يُجبَرَ على تلاوة آثامه. إنه لا يستطيع أن يفهم غرض لوسيفر من دعوته إلى محكمة الشر، ولا يستطيع أن يرتكب الشر لأنه محدود الخيال بما فيه الكفاية لئلا يُفكِرَ بارتكاب الشر المُطلق، ولم يتعرض لتجربةٍ يُجبَرُ معها على الخضوع لسلطان الخوف المهيمن.
في محكمة جانب النجوم، يعرضُ لوسيفر جانباً من عبقريته الشريرة على رفعت إسماعيل. إنه سيدُ جانب النجوم المُطاع - مع أنه بشري، أو شبه بشري - وتتبعه كُل الوحوش المروعة التي تعيشُ في ذلك المكان المجنون. جانب النجوم مملكةُ فرانتز لوسيفر الخاصة من الخمايرات، حيث يحكمُ وحده، وحيثُ يُحققُ عدالته الخاصة. ورغم أنه يظهرُ مسالماً في حكايةٍ سابقة، أسطورة دماء دراكيولا، بوصفه مجردَ شاهدٍ دعاه فلاد الوالاشي ليشهد عودته، فإنه ليسَ صعباً أن يُستشف من جانب النجوم أنه مُدِبرُ الأحداثِ المؤسفة في هالماجيو، وأن فلاد الوالاشي واحدٌ من الوحوش التي يحتفظ بها بوصفها حيوانات أليفة. هكذا، تصيرُ دعوته لرفعت إسماعيل مُبررة، إذ أنه يرغب في أن يعرض عليه جزءاً من عالمه الذي استخف به في لقائهما الأول. إنه ببساطة ينتقمُ من كبرياء رفعت، ويريه أنه - فرانتز لوسيفر - رجلٌ قادرٌ على أعاجيبٍ يحيا رجالٌ مثل رفعت ويموتون من دون أن يحلموا بها حتى.
من المؤسف أن تلقى شخصيةٌ لها إمكانيات لوسيفر الهائلة مثل هذا المصير. الآن، لا يبدو مصير تابيثا قاتماً أبداً، فما يعني فُقدان المرء رأسه أمام انحطاطِه من دون أن يكون بطلاً مأساوياً؟
عدا المأساة، فإن كُل الخيال القصصي يعتمدُ على الثنائيات: البطل والشرير، العامل الرئيسي والعامل المضاد، الملاك والشيطان. الثنائيات قاعدة في الميثولوجيا الدينية: النور والظلمة، سِت وأوزيريس، أهورا مزدا وأهريمان، أودِن ولوكي، الآلهة والتايتنات. وفي الحكايات الشعبية، فإنه لابد من أمنا الغولة لتكتمل مغامرات الشاطر حسن. وفي الثقافة الشعبية هناك: شرلوك هولمز وجيمس موريارتي، سوبرمان ولِكس لوثر، لوك سكايووكر ودارث فيدر، هاري بوتر ولورد فولدمورت، كريتُس وزيوس، آبل وIBM، غنو لينكس ومايكروسوفت. لتنجح هذه الثنائيات، فإنه ينبغي أن تكون العلاقة تبادلية بين البطل وخصمه، بحيث يكون الخصمُ مساوياً للبطل في قدراته الشخصية، ويصير الصراع بينهما متكافئ القوى، مما يحول سعي البطل إلى ملحمة.
في هذا النظام الثنائي، قد يتحول التركيز إلى الشرير (العامل المضاد) بوصفه المُحرك الرئيسي للصراع، كما في أفلام نهضة ديزني حيثُ طموحات أشرارٍ مثل سكار (الأسد الملك) وجعفر (علاء الدين) منبع الحدث الدرامي. بل إن الشرير قد يصير حالةً مُطلقة كما هو الحال مع القاضي كلود فرولو في فيلم أحدب نوتردام (1996)، إذ أنه ليسَ شريراً يواجهه بطلٌ واحدٌ، وإنما تواجهه بقيةُ شخصيات الفيلم: كوازيمودو وإزميرالدا ورئيس شمامسة نوتردام وفيبُس - والكراغل الحجرية - ولا تأتي نهايته نتيجة لانتصار البطل - الحتمي - بل نتيجة لما يُمكن أن يوصف بأنه تدخلٌ إلهي. (إلى حدٍ ما، تُحقق حالة كلود فرولو شروط المأساة، ويُمكِن - بقليلٍ من سعة الخيال - اعتباره بطلاً مأساوياً).
يُذكِر د. فرانتز لوسيفر من سلسلة ما وراء الطبيعة بالقاضي كلود فرولو إلى حدٍ ما، إذ أنه شريرُ السلسلة المُطلق الذي لا يُمكِن للبطل (رفعت إسماعيل) احتواؤه، أو حتى مُقارعته وجهاً لوجه، ويحتاجُ الخلاص منه إلى تدخلٍ إلهي. يتحركُ فرولو من قاعدةِ أنه رجلُ الله في أرضه، ويتحركُ د. لوسيفر من قاعدةِ أنه - بوصفه الشيطان - واحدٌ من أدواتِ الخلق، وجزءٌ من الحياة التي لا تكتمل إلا بالضوء والظل.
يُثير لوسيفر الاهتمامَ لأسبابٍ أخرى غيرَ كونه الشيطان، فبوصفه شريرَ السلسلة، يُفترض برفعت إسماعيل - الذي يصطف في الجانب الخيّر دائماً - أن يُمقته. رفعتُ يُمقت لوسيفر فعلاً، غير أنه لا يستطيع التغلب على انبهاره الشديد به. تمر كُل شخصياتِ ما وراء الطبيعة إلى القراء عبر منظاره: مملة، مليئة بالعيوب، ولا شيء مهمٌ بشأنها، إلا عندما يتعلق الأمر بلوسيفر الذي ينقل عنه أدق تفاصيل حركاته وسكناته وتعبيراته، غير قادرٍ على إخفاء انبهاره به، وحسده له.
يُعادي رفعت لوسيفر في حكايات التاروت من النظرة الأولى، لأنه نجم الحفلةِ والشخص الذي جاء الجميعُ من أجله، بينما رفعت وصديقاه مجرد شخصياتٍ هامشية لا يأبه بها أحد. إنه يتحدث عن الحب في غرفةٍ باردةٍ ملأى بالغرباء، ويظهر ثرياً، مهيباُ، ومسيطراً، بينما رفعت يشعر بعدم الارتياح في بيئةٍ غريبة ومعادية، وفي حضور رجلٌ غريبٍ يرتدي قرطاً. يزداد العداء بين الاثنين بسبب احتقار رفعت المُطلق للسحر والكهانة، وينتقم منه لوسيفر بدق أسس يقينه العلمي عن طريقِ إخباره بما لا يعمله أحدٌ عنه. يُقدم لوسيفر قصةً طريفة عن مصير رفعت، تحملُ شبهاً بما سيحدث لاحقاً، ولا تعني أكثر من معابثة عابرة، بينما يبذر بذوراً شريرة في بقية الحضور، تؤدي بهم إلى ارتكاب جرائم مروعة لاحقاً. لقد اختار رفعت ليصير سخريته الدائمة عقاباً له على الموقف المتعالي الذي أبداه نحوه من البداية. (يتمتع فرانتز لوسيفر بحسِ فكاهةٍ عالٍ، مع أن رفعت يعتقد حقاً أنه لا يفهم النكات. كونه يفهم النكاتُ أو لا يفهمها مسألةٌ غير ذاتِ أهمية لأن رفعت يختارُ أوقاتاً غير ملائمةٍ لها، قاصداً تسخيف أفكارِه).
المسألة ألا شيء في رفعت يُغري كياناً شيطانياً يجعله عدواً له، لأن رفعت آخر شخصٌ في العالم يُمكِن أن يفهم الشطحات العبقرية التي تدفع الشخصيات الأخرى في السلسلة إلى القيامِ بأعمالٍ جنونية (استكشاف كهوف تسيلي، إحياء أسطورة ميدوسا، جمع كتاب العزيف، استخدام الفيزياء لاستكشاف العالم وراء الطبيعي، ......)، بل إنه يُمقت اللوحات الأصلية في المتاحف لأن [ضربات الفرشاة تكون واضحة وخشنة فيها، بينما تجعلها الصور في المجلات جميلة ومضبوطة الألوان]. لكنه لا يزالُ متصلاً بعالم ما وراء الطبيعة بشكلٍ أو بآخر، إنه ليسَ مُغامراً ولا شاعراً، لكنه رجلٌ مُثقف "يفهم في هذه الأمور" ويُمكنه أن يتخذ منها موقفاً عقلانياً. إنه رجلُ عصر الأنوار المتمسِك بالعقل المحض - وإن كان الزمن قد أجبره على الإقرار بوجود أمورٍ لا يُدركها العلم. وإلى حدٍ ما، يُشبِهُ رفعت الشاعر الإنكليزي سامويل تايلر كولردج، الذي يرى كثيرٌ من نقاد الأدب الإنكليزي أنه ليسَ شاعراً حقاً - رغم "أغنية البحار القديم" و"قبلاي خان" - وإنما رجلاً يُحسِنُ فهم الشعر، ومُدمِنَ أفيون قادراً على تذكر رؤاه بوضوح، لذلك أمكن له أن يكتب قصائد عبقريةً في بربريتها. صحيحٌ أن رفعت ليسَ مُدمِنَ أفيون، لكن معرفته الواسعة بعالم الخوارق تعمل في لا وعيه، بحيثُ يُمكِنُ فعلاً أن يكون مجرد عجوزٍ خرف يختلق الحكايات.
لكن في رفعت ما قد يُغري رجلاً عبقرياً بعدائه والسخرية منه: إنه انتقامٌ مُستمرٌ يُنزله لوسيفر بالرجل الذي سخرَ منه ذات مرةٍ بينما آمن الآخرون به. وحصانة رفعت الطبيعية تجاه الشطحات العبقرية تجعله موضع إغراء لكُل ذوي الطموحات العبقرية في السلسلة (تابيثا، المستكشف الإيطالي، فرانكنشتاين،......). لذلك، يدعوه لوسيفر إلى (حفلاته) الخاصة من حينٍ لآخر. في مرحلةٍ ما من السلسلة، يتحول لوسيفر من كونه (رجلاً) إلى كونه (كائناً)، وتصير المسألة واضحة بلا مواربة: رفعت إسماعيل يتعامل مع الشيطان مُباشرة - أو وكيله - من دون أن يكون هناك سببٌ يوجِب هذا التعامل، فرفعت ليس ساحراً، وليس مفتوناً بما لا يعرفه، ولا يهتمُ بشحطات العبقرية البربرية. إن كون لوسيفر رجلاً يجعل فهم الضغينة التي يُكنها لرفعت الذي لا يُدرِكُ أن العبقرية - بحد ذاتها - أمرٌ خارقٌ للطبيعة مُمكنأما كونه شيطاناً فيجعل الفكرة أكبرُ من العبارة، لأن بناء ما وراء الطبيعة - على ما هو عليه الآن - لا يستوعِبُ الثِقلَ الفلسفي للفاوستية، ولأن شخصية رفعت إسماعيل ليست صالحةً لأن تكون في عداد الشخصيات الفاوستية، ذلك أنه لم يُجِرِب صنع شيء يتطلب عبقرية ما، وليس فيلسوفاً.
في أسطورة شبه مخيفة، تصيرُ الأمورُ مخالفةً لطبيعة السرد القصصي حقاً، ففرانتز لوسيفر يتحول إلى شيطانٍ متغير الشكل يُتعِبُ نفسه بالتدبير عامين لمكيدةٍ جديدة لرفعت وحبيبته الأزلية ماغي - هذه المرة - ويظهر بصورةٍ مُختلفة في معظم القصة - ولو إنه من المُمكِن التنبؤ باكراً بأن د. نورمان هارتفورد هو لوسيفر من انبهار رفعت الشديد به. هُناك الدُعابة - غير الموفقة إطلاقاً - في نهاية الرواية، وفيها يظهر أن رفعت وحياته كلها قصةً يكتبها خرياسوس المدون ليُسلي أباه لوسيفر. هُناك كمٌ كبير من التحفظات على مواهِب السيد خرياسوس الكتابية، وعلى ذوق السيد لوسيفر الأدبي، لكن المسألة تتجاوز هذه الشكليات إلى فقدان الدافع السردي، وسقوط حبكة لوسيفر الفرعية في السلسلة سقوطاً مدوياً.
مشكلةُ أسطورة شبه مخيفة الأولى أنه ليسَ هُناكَ سببٌ مُقنِع يُحرِك الأحداث: كاتبٌ يكتب قصص رعب تتحقق، ويتضح أنه ابن لوسيفر الذي يُدبِرُ مقلباً لرفعت من دون سببٍ وجيه. الأمرُ لا يتعلق هُنا بدعوةٍ إلى جانب النجوم، أو إرسال صندوقٍ إلى رفعت، بل بخطةٍ مُدبرةٍ للإيقاع به وبحبيبته من دون أن يكون لهذا هدفٌ أكبر. حتى حب لوسيفر للتسلية والعبث لا يستطيعُ أن يُنقذ حبكة هذه القصة، لذلك جاءت (دعابة) النهاية، فإذا كان من المستحيل إقناع القراء بأن رفعت أوقع بابن لوسيفر في الحفرة التي حفرها بنفسه، فإنهم سيستشيطون غضباً بسبب النهاية التي يتضح فيها أن كُلَ شيء مكتوب جاء من وحي خيالِ خرياسوس المدون، وعليه سينتقل الجدل إلى منطقةٍ مُختلفة بعيدةٍ عن الاستحقاق الأدبي. (هُناك حرب التشكيك في النوايا المعتادة، والدفاع المُعتاد بحجة "الكاتب الفلاني استخدم هذه التقنية"، وفلسفة "إنها قصة يا جماعة" المعتادة).
هُناكَ أيضاً فكرةُ الكاتب محدود الموهبة والشهرة. لقد كان مقبولاً في حكايات التاروت أن يكون لوسيفر ساحراً لم يسمع به أحد خارج دوائر السحر المُغلقة بوصفه (خبيراً) كما هو الحال مع خُبراء التقنية - مثلاً - ممن يحصلون على أجورٍ عالية نظير خدماتهم الاستثنائية، ويعرفهم أهل التخصص، بينما يجهلهم الجمهور العريض. الأمرُ مختلفٌ في أسطورة شبه مُخيفة لأن شخصية لوسيفر قد تغيرت من رجلٍ عبقري إلى كيانٍ شيطاني، ولأن ابنه كاتبُ رعبٍ يكتب للجمهور العريض، لا خبيراً في (تخصصٍ دقيق) كما كان أبوه في بداية السلسلة. من الصعب تصديق أن لوسيفر لا يستطيعُ أن يجعل ابنه أفضل وأشهر كاتب رعبٍ في العالم أجمع، بينما يسخر كافة قواه ليهزأ برفعت. الأمرُ يتعدى حدود المقبول سردياً، لكنه قريبٌ من عالم رفعت إسماعيل النفسي، إذ يستحيلُ على رفعت الواقع في منطقة الوسط أن يقترن بأيِ خُطة عالمية طموحة. إنه رجلٌ متواضع، وأعداؤه أناسٌ متواضعون ينصبون له مقالب متواضعة.
الشرخُ في شخصيةِ لوسيفر ظهرَ واضحاً في هذه القصة، فبعد أن كان شخصاً عبقرياً غير معروف النوايا - مثل تابيثا مكغفرت - صار كياناً شيطانياً، ثم كياناً شيطانياً له ابن ضعيف قبيح المنظر، ثم كياناً شيطانياً يتورط في مقالب سخيفة. (وما من شكٍ في أنه لن يُقبل بعدها في النادي الشيطاني الذي يضم مفستوفِلِس وبعلزبوب وفولند، رغم أن اسمه لوسيفر، مما يعني أن رتبته أعلى من رُتبهم. ذلك أن ترتيب القيادة الجهنمية التقليدي يضع لوسيفر في أعلى الهرم، ثم يليه بعلزبوب، فمفستوفِلِس - الذي يعمل مبعوثاً رسمياً ومحصل ديون ووكيلاً إدارياً لجهنم.)
بتجاهل أسطورة شبه مخيفة وصندوق بندورا، فإن شخصية لوسيفر تصلُ أعلى نقطةٍ لها في جانب النجوم، حيثُ يُحقق لوسيفر الفرض المبدأي لشخصيته، ويحمل رفعت على مواجهة الشر مُباشرة. مجموعة في جانب النجوم مقبضة، سوداوية، وخانقة كما يُفترض بالشرِ أن يكون، ورفعت لا يستطيع فيها إلا أن يكون طفلاً صارخاً غير قادرٍ على احتمالِ فكرةِ أن يُجبَرَ على تلاوة آثامه. إنه لا يستطيع أن يفهم غرض لوسيفر من دعوته إلى محكمة الشر، ولا يستطيع أن يرتكب الشر لأنه محدود الخيال بما فيه الكفاية لئلا يُفكِرَ بارتكاب الشر المُطلق، ولم يتعرض لتجربةٍ يُجبَرُ معها على الخضوع لسلطان الخوف المهيمن.
في محكمة جانب النجوم، يعرضُ لوسيفر جانباً من عبقريته الشريرة على رفعت إسماعيل. إنه سيدُ جانب النجوم المُطاع - مع أنه بشري، أو شبه بشري - وتتبعه كُل الوحوش المروعة التي تعيشُ في ذلك المكان المجنون. جانب النجوم مملكةُ فرانتز لوسيفر الخاصة من الخمايرات، حيث يحكمُ وحده، وحيثُ يُحققُ عدالته الخاصة. ورغم أنه يظهرُ مسالماً في حكايةٍ سابقة، أسطورة دماء دراكيولا، بوصفه مجردَ شاهدٍ دعاه فلاد الوالاشي ليشهد عودته، فإنه ليسَ صعباً أن يُستشف من جانب النجوم أنه مُدِبرُ الأحداثِ المؤسفة في هالماجيو، وأن فلاد الوالاشي واحدٌ من الوحوش التي يحتفظ بها بوصفها حيوانات أليفة. هكذا، تصيرُ دعوته لرفعت إسماعيل مُبررة، إذ أنه يرغب في أن يعرض عليه جزءاً من عالمه الذي استخف به في لقائهما الأول. إنه ببساطة ينتقمُ من كبرياء رفعت، ويريه أنه - فرانتز لوسيفر - رجلٌ قادرٌ على أعاجيبٍ يحيا رجالٌ مثل رفعت ويموتون من دون أن يحلموا بها حتى.
من المؤسف أن تلقى شخصيةٌ لها إمكانيات لوسيفر الهائلة مثل هذا المصير. الآن، لا يبدو مصير تابيثا قاتماً أبداً، فما يعني فُقدان المرء رأسه أمام انحطاطِه من دون أن يكون بطلاً مأساوياً؟
إذا كنت قد فهمت حقا مقصدك فهذه التدوينة عبارة عن profiling للعدو الرئيسي لرفعت اسماعيل والتدوينة التي قبلها عبارة عن profiling للعدوة التي كان من المفروض أن تكون العدوة الرئيسية لرفعت اسماعيل ؟؟
ردحذفما وجدته هو ان عملية ال profiling هذه تتعلق برفعت اسماعيل اكثر مما تتعلق بالشخصيات الاخرى وما فهمته منها كذلك ان رفعت يملك تأثيرا نفسيا هو تأثير التشويه للعبقرية
بمعنى اخر تابيثا ولوسيفر هما شخصان عبقريان بينما رفعت ليس عبقريا ولذلك ليس قادرا على فهمهما ولذلك فهو ممل وفي الوسط دائما
استطيع ان افهم هذه الخاصية بخصوص رفعت واجد ما قلته صحيحا من وجهة النظر السايكولوجية ولكنني استشف من كلامك ميلا الى النموذج العبقري الذي يمثله لوسيفر وتابيثا وتململا من التقييد الذي يمارسه الدكتور احمد على الخيال في السلسلة
ومما فهمته فانت ضد تحويل لوسيفر الى شيطان لان ذلك قد يقتل فكرة العبقرية البحتة التي يمثلها
ما وجدته عبقريا في هذا السياق هو تحليلك لمجموعة جانب النجوم وعلاقة لوسيفر بالوحوش فلم اقرأ في حياتي من قبل شيئا بهذه الجرأة والخيال المنطلق
ويقودني هذا الى ما قرأته من تدوينتك السابقة الشهيرة شارب الوغد ومن ثم من التدوينات الاخرى في هذه القضية فبعد الحديث عن العموميات انتقلت الى الحديث بشكل خاص ودقيق ومفصل
وانا احيي فيك هذا التحليل الدقيق والفكاهي في الوقت نفسه ثم التحليل العميق للشخصيتين لوسيفر وتابيثا والمقدمات الذكية الغنية بالالماعات الى الثقافة الكلاسيكية الاغريقية
وقد فهمت ان مقصدك من التدوينة الاشارة الى احتمال كون لوسيفر بطلا مأساويا ومن ثم سقوط هذا الاحتمال بسبب تحوله الى شيطان ومن الواضح ان الشياطين لا تتأهل للحصول على لقب بطل مأساوي
ويعيدني هذا الى نقطة عبقرية التحليل ولا اعتقد انها كلمة كبيرة بل انها كلمة مناسبة في هذا السياق لان العبقري هو شخص ملهم يفكر في اشياء لم ينتبه لها احد من قبل ولعمري ان احدا لم ينتبه الى حكاية مملكة الخمايرات
واذا كنت قد فهمت كلامك بشكل صحيح فمملكة الخمايرات تعني الاشياء الغريبة والخارجة عن المألوف مثل مخلوق chimaera الذي جاء في الاساطير الاغريقية ؟؟
المخلوقات التي وصفت في المجموعة التي ذكرتها تشبه الخمايرات في تشوهها ومخالفتها لطبائع الاشياء
وفي الواقع فانني اجد طرحك لطبيعة شخصيات السلسلة اكثر اثارة للاهتمام من السلسلة نفسها واعتقد انه من المؤسف انه لا يوجد من يستوعب هذه اللمحات المتبصرة من القراء
وقد قرات التعليقات على شارب الوغد فلم اجد من بينها تعليقا يتحدث عن الاشياء التي تحدثت عنها التدوينة سواء من المؤيدين او المعارضين بل كان الحديث عن امور جانبية لا علاقة مباشرة لها بما طرحته التدوينة
واني لعلى ثقة من ان هذه التدوينة لن تحظى باي تعليقات خلاف تعليقي المتواضع هذا بسبب الموضوع الثقيل الذي تقدمه والانتقاد العنيف لانعدام العبقرية في السلسلة
ولو سمح لي كرمك وكرم الدكتور احمد فادليت بدلوي في هذا الامر لقلت ان السر في سحق شخصيات مثل تابيثا ولوسيفر لا يعود الى نقص في موهبة الدكتور بل الى خوفه من الانتقاد الديني مما يجعله يقمع اي بذور للتمرد في السلسلة
وهكذا تغلب النبرة التعليمية الوعظية على تلك التي تصفينها بالاستحقاق الادبي
ولقد فهمت من موضوع عنك في منشور وصلة الالكتروني http://wasla.anhri.net/2010/10/issue7/#comment-152
انك نفسك روائية والحقيقة ان طروحاتك النقدية الجريئة تجعلني اتساءل عن طبيعة الشخصيات في رواياتك التي لم اتشرف بقراءتها
وكان من المفروض التركيز على صفة الناقدة في الموضوع المذكور اعلاه لانني مما وجدته في المدونة فقد وجدت عندك المقدرة النقدية والثقافة الكلاسيكية والخيال الواسع
ولا اخفيك سرا فقد ارتعدت فرائصي من تصويرك المخيف لطبيعة علاقة لوسيفر بالوحوش في جانب النجوم
ويعود ذلك الى قوة الخيال في هذا التصوير والى انه ممكن من الناحية السايكولوجية
ومما وجدته في هذه المدونة فالحقيقة انك شخصية مثيرة للاهتمام من الناحية السايكولوجية ولولا تحققي عن طريق البحث مما جاء في موضوع وصلة عن شخصك لاعتقدت انك رجل في منتصف الثلاثينيات يملك ثروة مالية لا بأس بها ولقبا اكاديميا وذلك بناء على عوامل الجرأة الشديدة في الطرح والاستقلالية التامة والفكاهة الساخرة المبطنة في الحوار والنبرة الصارمة والتحكم المضبوط بكمية المشاعر الموجودة حتى في الردود والخيال الواسع والثقافة الكلاسيكية وكلها امور لا تتوفر لكثير من الرجال بلك بالنساء وميلهن الطبيعي لانعدام الثقة بالنفس والحاجة الى تأييد خارجي
وقد لاحظت حديثك عن موقف رفعت من الفن وهو موقف ظهر في العدد الاخير اسطورة معرض الرعب
وهنا يثير اهتمامي ما تحدثت به عن تواضع رفعت فهاهو يتماهى في هذه القصة مع شخصية عبقرية هي شخصية الرسام جويا وذلك عن طريق صراعات كونية سحرية بين كيانين انثويين
ولا يسعني الا ان اشكر لك سعة صدرك
طريقتك في توصيف الأشياء مثيرةٌ للاهتمام. أعتقد أن المسألة ليست بناء ملفٍ نفسي للشخصية، بل تحليلاً لسياقها الفني. من نافلِ القول إن التحليل النفسي جزءٌ هامٌ من محاولتنا فهم الطبيعة الفنية للأشياء، لكنه ليس المكون الوحيد للتجربة الفنية: هُناكَ أيضاً العقل المحض مقابل الروح الديونيزية، الخلفية الفلسفية للمتأمل، السياق التاريخي للعمل الفني وقراءاته، وما يُمكِن أن يُسمى (أصول الصنعة) الفنية، ضمن مكوناتٍ أخرى لعملية الانتاج الفني، وتذوقنا الفردي لهذا الفن.
ردحذفطبيعيٌ أن يكونَ تحليل شخصياتِ لوسيفر وتابيثا - وأي شخصيةٍ أخرى في السلسلة - على علاقة مُباشرة برفعت إسماعيل، ذلك أنه الوسيط الوحيد بين المتلقي والشخصيات الأخرى. إن كُلَ محاولةٍ لقراءة السلسلة، شخصياتها، حبكاتها، وثيماتها مرتبطة مباشرة برفعت إسماعيل. السلسلة مملكة رفعت إسماعيل الخاصة، لكنها ليست مملكة خمايراتٍ عبقرية، وإنما تأملات رجلٍ يحاول أن يُخضع الكون لمقاييسه العادية.
في هذا السياق، يأتي تحويل لوسيفر إلى شيطان مبالغاً فيه، ومُدمراً لروحِ العبقرية. العُنصر البشري يجعلُ الفن خالداً: الطبيعة المقدسة والمدنسة للإنسان تجعله أكثر المخلوقات غنى. لم يُصبح مفستوفِلِس شخصية محورية في الفن إلا في مرحلةٍ لاحقة من المعالجات الفنية للأسطورة الفاوستية، وذلك عندما صار أكثر بشرية من فاوستس. في [المعلم ومارغريتا]، فإن فولند ومساعده كرفيوف أكثر إنسانية من معظم الشخصيات الأخرى في الرواية، مما يجعلها عملاً فذاً.
كُل الشخصيات التي حاولت الخروج من بشريتها انتهت إلى دمار مُطلق: "الرعب! الرعب!" التي أدركها كرتز في نهاية [قلب الظلام] تتردد في كُل الشخصيات التي تخلت عن آدميتها، حتى في الثقافة الشعبية بكل ما فيها من بشرٍ تحولوا إلى أشباحٍ وسايبورغات ومخلوقاتٍ في البين بين.
أعتقد أن مجموعة [في جانب النجوم] قد سببت حالةً من البلبلة: إنها عملٌ جيد، لكنها في الوقتِ نفسه عملٌ غريب. لذلك، نشأت الحاجة إلى قراءة الثيمة الكامنة في النص. النقدُ - والقراءة، والتذوق الفني، وعلم الاقتصاد، والفيزياء، وكل شيء في الحياة - يحتاج إلى قدرٍ من سعة الخيال. لذلك، فإن الكُتب العظيمة تحتاجُ إلى نقادٍ عُظماء لتحقيق عظمتها. هذا جزءٌ من إشكالية الثقافة العربية حالياً: قد يكون لدينا مُحتوى ثقافي متميز - بغض النظر عن عظمته أو ضعته، لكن المُنجَز النقدي مُقيدٌ - إلى حدٍ كبير - بالنظريات الجاهزة، وبالقوالب المُعدة مُسبقاً. القاعدة الوحيدة في النقد - كما أتصور - أن يفقه الناقد أصول الصنعة الفنية، ويتسمَ بسعة الخيال، ويفهم أن الفنَ جزءٌ من تجربة عقلية وتاريخية شاملة.
معذرةً، لكنني أعتقد أن عذر الخوف من الانتقاد الديني غير معقول، لأن من يُريد أن (يصطاد في الماء العكر) سيجد ألف مبررٍ لهذا: "يا للعار! رفعت وماغي يبيتان في مكانٍ واحد!"، "رفعت يُراسل الكينونة! إنه يتعامل بالسحر الأسود!"، "السلسلة تتعامل مع الشياطين والعياذ بالله!"، "هويدا ليست محجبة!"، "رفعت يُصافِح النساء!"، "رفعت يتعامل مع اليهود!"، .... في عصر البارانويا هذا، لا أحد سالمٌ من الانتقاد لأسبابٍ غاية في السخف، فلماذا الاكتراث بما قد يقوله أناسٌ مُصابون بجنون الارتياب ويعانون من فقرٍ مُدقع في الخيال؟ التفكير بهذه الطريقة يجعلك تخسر بلح الشام وعنب اليمن معاً. الطبيعة الفنية الحقة أقرب إلى "إذا غامرتَ في شرفٍ مروم/ فلا تقنع بما دون النجوم".
نعم، مملكةُ الخمايرات يُقصدُ به الأشياء غير المألوفة، وغير المعقولة مثل مخلوق الخمايرا في الأساطير الإغريقية. واحدٌ من أكثر ملوك الخمايرت تأثيراً في التاريخ كان الفنان الإسباني الشهير فرانشسكو دي غويا، المُعلم. وحيثُ أنكَ طرحتَ مسألةَ [أسطورةِ معرض الرعب] - وطرحها آخرون - فإنني أجدُ أنه من المفيد الحديثُ عنها قليلاً، رغم أنني أعتقد أنها اعتداء غيرُ مُبرر على عبقرية غويا الفذة. لقد أفقدني هذا العدد اهتمامي بما قد يأتي بعده عملاً بمقولة جورج برنارد شو التي تتكرر في السلسلة كثيراً.
أعتقدُ أن الكينونة نفسها كانت وسيلةً فنية ممتازة في [أسطورة الرجال الذين لم يعودوا كذلك]، لكن استخدامها في [معرض الرعب] لم يكن موفقاً أبداً، وخلافها الغريب مع المورا إنكادا - ونهاية المورا إنكادا التي تتطلبُ قدراً كبيراً من (التسامح) لابتلاعها. غيابُ الدافع السردي الذي كان في [أسطورة شبه مخيفة] تحولَ إلى حالةٍ شبه سريالية هنا. لكنني لا أريدُ مناقشة الحبكة - إذا كانت هُناك أصلاً.
ما أريدُ التحدث عنه قولك إن الصراع بين المورا إنكادا والكينونة كوني، بينما الواقع (السردي) يُخالف هذا الاعتقاد، وإلا لدار الصراع الكوني قبل قرونٍ على روح فنانٍ بعبقريةِ غويا، وخلال الحرب الأهلية الإسبانية ومحاكم التفتيش. رفعت لم يكن أداة صراعٍ كوني، وإنما أداة إعدامٍ للعبقرية كما وأد من قبل مملكة خمايرات لوسيفر. صحيحٌ أن مصير لوسيفر مؤسف، لكنه يبقى شخصية خيالية يُمكِن لرفعت أن يمتص عبقريتها كما يحلو له. المشكلةُ الحقيقية عندما يُقرر رفعت إسماعيل أن يُخضع عبقرية فنانٍ مثل غويا لمقاييسه العادية، مُسخِفاً بذلك إنجازه الفني الذي لا شبيهَ له في تاريخ الفن، وتأثيره التاريخي المُهِم. صحيحٌ أن فنانين مثل ليوناردو دافنشي وفنسنت فان غوخ وبابلو بيكاسو وسلفادور دالي وإدفارد مونش يهيمنون على التحليل الفلسفي للفن في الزمن الحالي، لكن فرانشسكو دي غويا يعملُ في خلفيةِ عقلِ الفنِ اليوم: السايبورغات، الشياطين الفانتازية، الرؤى الديستوبية لفن الديجيتال، وأنماطُ الألوان. إن المُعلِم لا يزالُ المُعلِمَ إلى اليوم، حتى لو لم يكتب أحدٌ [شيفرة دي غويا]. (طبيعيٌ ألا يكتب أحدٌ [شيفرة دي غويا]، لأن فن غويا شطحاتُ عبقريةٍ محضة لا علاقة لها بأي دقةٍ حسابية. لقد أدرك غويا العمق الحقيقي للعبقرية الديونيزية - قبل أن يدركها نيتشه حتى - ونبذ كُلَ تعاليم عصور النهضة والأنوار).
ردحذفمن الطبيعي أن يكون حضورُ رفعت إسماعيل - رجل الأنوار - ذا تأثيرٍ ماصٍ لعبقرية فرانشسكو دي غويا، فالرواية مبنية على وهمِ قابلية لوحاتِ غويا للتفسير الرياضي البسيط. غويا + مورا إنكادا = النزوات + اللوحات السوداء + معظم المُنجز الغويي.
الفكرةُ الرئيسية للنص تقول ببساطة: يا جماعة! غويا لم يكن عبقرياً، وإنما كان يرسم ما يراه في قبو المورا إنكادا! غويا كان عامل يومية يشقى بلقمته عند المورا إنكادا! إن كُل الرعب المُرتبط بلوحاتٍ مثل "ساترن يلتهم ولده" ليس ناتجاً عن حالةٍ إنسانية مُرهفة، وإنما لأن غويا شاهد عملاقاً يلتهم رجلاً.
هذا التفسير الجاهز يقتل فكرة العبقرية. إن غويا لم يُنشئ مملكة خمايرات خاصة به، والثقل الفلسفي لأعماله غير موجود لأنه لا يختلف عن أي رسامِ مناظر طبيعية ماهرٍ في صنعته، ولا معنى للحديث عن الصور المُرعبة للعاطفة في أعمال غويا. لا معنى للعبقرية البربرية كلها، لأنها ليست إلا نتاجاً لزيارةٍ لحديقة حيوانِ المورا إنكادا.
هل عرفتَ الآن ما يُمكِن أن يحدث عندما تضع رجل أنوارٍ عادياً مثل رفعت في مواجهة العبقرية؟
ملاحظةٌ جانبية، برغم أنني أشكرك جزيلَ الشكر على تعليقك الجيد، إلا أنني أرى التحليلَ النفسي للأفراد عملاً غير أخلاقي. من السهل أن تُحلِلَ شخصية رفعت إسماعيل - مثلاً - لأنه شخصية فنية يعرف القارئ حياتها العقلية (السرية)، أما محاولة تحليل الأشخاصِ الحقيقيين نفسياً فلعبةُ تنمرٍ ليس أكثر، ساهمت في انتشارها مُسلسلاتُ التلفاز التي يقبض فيها العملاء الفيدراليون على المجرمين من تحليل أنماطهم النفسية. فكرةُ الإمساك بتفاصيل حياة الإنسان الدقيقة عن طريق التحليل النفسي تدلُ على قدرٍ كبيرٍ من العداء للإنسانية، وفُقدان الإيمان بها. فالمحلل النفسي يعتقد أنه يفهم دواخل الآخرين، وأنهم غير قادرين على مفاجأته. يعمل المحلل النفسي وفقاً لأنماطٍ مُسبقة، وقوالب يحاول فرضها على الناس، لذلك لا يتفق التحليل النفسي مع العبقرية المحضة، بل مع الفاشية الشمولية. وأعتقدُ أن شيوعَ الهوس بالتحليل النفسي يعود إلى أن نماذج الشخصيات الشبيهة برفعت إسماعيل كثيرة جداً. يُمكِنك أن تطلع على هذا الموضوع في مدونة [الطعم المر للأغاني] للمزيد عن هذا الجانب، والنقاش في التعليقاتِ مفيدٌ جداً. الفكرة العامة أن تنميط الآخرين يُعطينا شعوراً بالأفضلية. إنه نوعٌ من التنمر النفسي - إن جاز التعبير.
أشكرك جزيل الشكر على تعليقك المفيد.
تحياتي..
(( فلماذا الاكتراث بما قد يقوله أناسٌ مُصابون بجنون الارتياب ويعانون من فقرٍ مُدقع في الخيال؟ ))
ردحذفهذا هو رأيك ببساطة في كل قراء السلسلة الذين لا يدركون الاشياء العبقرية التي تدركينها ... واضح من حديثك كمية العجرفة والغطرسة الثقافية التي تحتج عليها ما وراء الطبيعة و رفعت إسماعيل الذي تجدينه مملا و سخيفا ... نحن لا نحتاج إلى الاستماع لهذا الكلام ابدا و كان من الافضل لك عدم الاستمرار في الحديث عن السلسلة ابدا ... لقد فهمنا قصدك منذ زمن طويل ... انت اذكى و افضل من الجميع ... استمتعي بمملكتك الخاصة وحدك فلا احد يهتم بشيء مما تقولينه بعد الان ... نحن لا نريد ان نكون مثقفين و لا نريد ان نكون عباقرة .. و لعلمك فقط ... لولا اسطورة معرض الرعب لكان جويا قد بقي مجهولا لدى معظم القراء ... كان عليك ان تقدمي الشكر لدكتور احمد خالد لانه عرف القراء به بدل هذه الاحاديث التي لا طائل منها ...
ستتعلمين الدرس عندما يصبح عدد قراء هذه المدونة صفرا و سيكون لات مندم ...
الأخ العزيز صاحب التعليق المجهول.
ردحذفقراءتك لمقالات هذه المدونة ينطبق عليها نموذج " القراءة العصبية". والتدوينة لم تشر بأي شكل من الأشكال إلى قراء سلسلة ما وراء الطبيعة بسوء. بالعكس، لو أنك يا عزيزي انتبهت لاكتشفت أن العبارة التي اقتبستها تقصد من يملكون اعتراضات "ارتيابية" علي محتوى السلسلة من الرعب والأفكار الغريبة غير المألوفة لمجتمع مصاب بفقر في الخيال عموماً.
هنالك مشكلة قائمة، فعلاً عدد معرض الرعب له فائدة عظيمة في تعريف الجاهلين بغويا به، لكن ماذا عن العارفين بغويا؟ وماذا عمّن كان غويا رسّامهم المفضل؟ وماذا عن دارسي الفن وآكاديمييه الذين ساءهم التقديم السطحي والمسفّه لغويا ؟ يا أخي ماذا عمّن قضى ست سنوات من حياته يعدّ رسالة أكاديمية عن غويا ؟
سلسلة ما وراء الطبيعة تنتهج هذا التقديم الساخر عموماً لكل شيء في العالم، الفنانون، العباقرة، الكتاب، الناس، والسلسة كما هي تسخر من العباقرة والنخبة فهي تسخر كذلك من فئات المجتمع المتخلفة. اعتبر يا أخي أن هذا الكلام عن تسفيه غويا، وعن سوء تقديم العدد لفنان عظيم هو بالضبط مثل ردة فعلك العصبية كلما مسّ أحدهم أحمد خالد توفيق بسوء. فأنا حقيقي لا أملك تفسير، لماذا من حقك أنت أن تستاء وتصف الآخرين بالعجرفة لأنهم ينتقدون إنسان هو أصلا مؤلف سلسلة تسخر (ولا تنتقد فحسب) من كل شيء تقريباً؟ ومؤلف شخصية متعجرفة أصلاً. وليس من حق الآخرين ابداء ذات الاستياء عندما يقترب أحد اقتراباً ظريفاً ومستهتراً من فنان مفضل؟
السخرية من الآخرين بشكل دائم هي كل العجرفة والتصلّف، رفعت اسماعيل (جلف)، يا عزيزي راجع السلسلة واجلب لي إنسان واحد لم يرمه رفعت اسماعيل بتعليق ظريف ما.
(( هنالك مشكلة قائمة، فعلاً عدد معرض الرعب له فائدة عظيمة في تعريف الجاهلين بغويا به، لكن ماذا عن العارفين بغويا؟ وماذا عمّن كان غويا رسّامهم المفضل؟ وماذا عن دارسي الفن وآكاديمييه الذين ساءهم التقديم السطحي والمسفّه لغويا ؟ يا أخي ماذا عمّن قضى ست سنوات من حياته يعدّ رسالة أكاديمية عن غويا ؟ ))
ردحذفهؤلاء لا يجب ان يقرأو ما وراء الطبيعة فنحن لا نرغب في ان نقرأ فلسفاتهم عنها ... ثم من الأبله الذي سيقضي ست سنوات من حياته يعد رسالة أكاديمية عن جويا ؟ ... الا توجد امور اخرى في الحياة اهم من هذا الكلام الفارغ ؟ ... انه فن الحديث عن البرتقالة حتى تفسد بدل اكلها كما تحدث عنه الدكتور احمد خالد في سلسلة فانتازيا عندما تحدث عن الفلسفة ... و هذه الفلسفات لا تنتج علما يزرع ارضا او يبني بيتا او يعمر وطنا ...
يا سيدتي العزيزة ... اننا لسنا مسؤولين عن هواياتك الغريبة ... و اذا كان رفعت جلف و لا تستطيعين تحمله لرقتك الشديدة - واضح طبعا انك رقيقة جدا من اعجابك بجوويا و رسوماته المرعبة - فابتعدي عنه ... عندما يسخر رفعت من الاخرين فهو يفعل ذلك لسبب مهم حيث انه يقدم شخصيات واقعية فيها الممل و الكذاب و الاحمق و رفعت يعلق على كل شخصية بما فيها ... و كلامك مردود عليه لان رفعت لم يسخر من ماجي ابدا ... و كذلك لم يسخر من والد ماجي ... و من اسرته في القرية و هي تضم والدته و اخوه و اخته و اولادهم ... و لا من خاله و اولاد خاله ... لان رفعت يعرف كيف يحفظ المعروف جيدا على عكس بعض المتحذلقين ...
انت مثال واضح للمتسلقين ... بسبب انتقادك للدكتور احمد خالد حصلت على بروفيل في منشورة وصلة ... طبعا موقع وصلة موقع اصفر ينشر لشخصيات من امثالك ... و هذا لا يزيدك شرفا ابدا ...
و كذلك تنتقدين انني صاحب تعليق مجهول باسم مجهول كذلك !! ... ليست لديك الشجاعة الادبية للرد باسمك عندما يهاجمك احد هجوما مباشرا لذلك تتدخلين باسم مستعار ... انا لا اريد ان اذكر اسمي لانه لا يشرفني ان اضع اسمي في هكذا مكان ... فماذا عنك ؟ ... هل ادركت مؤخرا ان مدونتك لا تشرف احدا ؟ ... هل هذه يقظة اخيرا ؟ ... اتمنى ان تكون كذلك فعلا لانه من الخسارة ان يكون لدينا شباب لديهم المقدرة الادبية على الكتابة البلاغية و من ثم يستخدمون مقدراتهم في الاساءة الى الكتاب العظماء و المقتدرين ... لو كان عندك ذرة من احترام الذات لما جعلت من جويا النصراني اعظم من رفعت اسماعيل و هو مسلم ... و لما ابديت اعجابك بشخصية الشيطان ... لكن حالك مؤسف كحال كثيرين من شباب الامه ...
طيب يا باشا، لا تأتي لهذه المدونة من جديد، لا للقراءة ولا للتعليق، فشحنة السلبية في كلامك ثم اصرارك على المتابعة والردّ، هو الشيزوفرنيا بعينها، أليس لديك شيئاً آخر أكثر أهمية لتفعله ؟ تعليقاتك هنا لا لا تزرع أرضاً ولا تقدم علماً.
ردحذفوصله مجلة صفراء لأنها تنشر ما لا يجيء على مزاجك، حلو حلو.. أسلوب راق راق حقيقي يعني، لابد أن رفعت اسماعيل ومؤلّفه فخوران الآن بك.
وبالمناسبة، من ردّ عليك قبل ذاك ليس كاتبة المدونة، بل أنا، أحد قرّاء المدونة.
حقا شعرت بعدم الجدوى في كلام الأخ المتحمس الحانق .. وبشكل أو بآخر ذكرني كلامه بإحدى الرسائل التي رد عليها احمد خالد توفيق في أحد أعداد ما وراء الطبيعة وكانت من إحدى القارئات التي ذكرت أن أمها عندما لاحظت عنوان أحد الأعداد من ما وراء الطبيعة ورسمة الغلاف فصادرته من الفتاة واتت لها بكوب من الكركديه وصاحبت ذلك بالدعاء على المؤلف بالخراب !
ردحذفيا هذا - وكلامي هنا للمتحمس - هداك الله إني وبحق اشعر عليك ببالغ الرثاء.