01 مايو 2010

صورة الأب

لا أتابع السينما المصرية الجديدة، فلا أحبُ رؤية الضحالة التي صارت علامةً فارقةً تُميزُ سينما جيلي. مع ذلك، يحدثً أن أشاهد فيلماً من الموجة الجديدة من حينٍ لآخر بدافع الملل أو الفضول، وفي كُلِ مرةٍ أكتشفُ مدىً جديداً للسخف الذي تقدمه السينما اليوم، وتأكيداً على أن مُهمتها الوحيدة "عمل الفلوس" كما يقول جمال مروان في إعلان ميلودي الذي يُعرض على القناة في هذه الآونة؛ عمل الفلوس بالتهريج، لا بالاحترام، فحتى الأفلام التي تدعي مُناقشةَ قضيةٍ ما تنتهي إلى ثقبٍ أسود من بؤسِ السيناريو، وسوء التصوير والأخراج، ورداءة التمثيل، والشعور بالحسرةِ على الوقتِ الذي انقضى في مشاهدةِ فيلمٍ سخيفٍ إلى درجة أن عدَ بلاطِ الغُرفة يُقدم فائدة تفوق فائدته، ومتعة تفوق متعة مشاهدته.
السينما صناعة، وكونها كذلك يعني أنه من أبسط حقوقِ المستهلك الحصول على سلعةٍ جيدة مقابل ما يدفعه؛ غير أن صناعة السينما في مصر - حاضرة العالم العربي السينمائية - تدخل في باب النصب العام. مع ذلك، يستمرُ المستهلكون في ضخِ الأموالِ في حسابات مليارديرات السينما، بينما لا أرى سبباً يدعو لدفعِ المالِ لمشاهدةِ أي فيلمٍ جديد: ليست هُناك قصةٌ جيدة، ولا إخراجٌ مقبول، ولا تصوير فني، ولا تمثيل جيد. في الواقع، لا توجد أي عوامِلِ جذبٍ في سينما اليوم، فلا البطلات جميلاتٌ - كما هُن بطلاتُ الأفلام القديمة - ولا الأبطال رجالٌ وسيمون. بطلاتُ اليومِ نساءٌ حمقاواتٌ، وأبطالُ اليوم شبابٌ (صفيق) كما جاء في فيلم عمر وسلمى بالحرف. (مع أنني لا أشعرُ بالارتياح لاستخدام كلمةٍ مثل "صفيق").
مع ذلك، تحقق مثل هذه الأفلام أرباحاً طائلة حتى أن أخي الأصغر قد توصل إلى استنتاجٍ مفاده أن الصيغة السحرية لنجاح أي فيلمٍ واحدة من اثنتين: "شعر صدر + أحضان + صفعات" أو "مخدرات + راقصة + قضية طنانة". باستخدام واحدةٍ منهما، لا يُمكن أن يفشل فيلم، ولا يُمكن أن يتعرض أيٌ منها للهجوم لأنها تقع في نطاق السينما (النظيفة)، وبذلك يكسب الممولون والمنتفعون مالاً (حلالاً) رغم أنهم يغشون في الصنعة، ويخدعون المستهلك.
كُل ما سبق لا يتجاوز كونه الطبقة السطحية لإشكالية أكثر عمقاً وأهمية: المُنتَج الناشئ عن تفكير هذا الجيل، والمُقولِب لتفكيره في الآن عينه. فنتيجة لتغير قيم المجتمع في السنوات العشر الأخيرة، تغيرت صورة الأب في السينما المصرية، ونتيجة لتغير صورة الأب في السينما، لم يعد مُمكناً إقناع الجيل الجديد بأن الأب شيء آخر غير المسخ الذي تقدمه السينما. في الأفلام القديمة، تحضر صورة الأب - حاضراً كان أم غائباً - محاطة بالتقدير والإجلال، حتى لو كان أباً ظالماً. كُل الآباء في السينما المصرية مراكز للهيبة لا يُمكن المساس بها، مهما كانت تصرفاتهم ظالمة وجشعة وأنانية.
على سبيل المثال، يشتكي حسن يوسف من أبيه الظالم في فيلم أنا حرة، فلا يجرؤ إلا على ترديد عبارة من كتابه: "وكان هولاكو رجلاً ظالماً"، ورغم أن الفيلم يُناقش تراجع الجيل القديم ليُفسح مجالاً للجيل الجديد، فإن شخصيتي الأب فيه حافظتا على احترامهما رغم أنهما صورتان لزمنٍ يذوي ويتراجع.
أما اليوم، فالأب حشاشٌ مُهرج في السينما، سواء كان من مليارديرات عصر الانفتاح أم من مسحوقيه. اختفت هيبة الأب التقليدية ليتحول دوره إلى مجرد زينةٍ للديكور الاجتماعي، ومُسهِلٍ للانحراف. حتى أن الأب فقد هيبته التي تجعله مصدر تعاسة الأبطال وشعورهم بالتهديد، فلم يعد يملك القدرة على التدخل في الأحداث بأي شكلٍ فعال، وصار أقل شأناً من أن (يَظلِم)، وتحول إلى مُجرد سنيدٍ للبطل (الابن) يشتكي من فواتير إنفاقه، ويتسابق معه ليفوز عليه بلقب الأشد (صياعة).
حين يُريد المنتجون - في سينما اليوم - إضافة عمق للفيلم، فإنهم يجعلون شخصية الأب تغضب مثلاً، لكن غضبتها تنتهي إلى لا شيء، لأن الأب قد فقد دوره المحوري بوصفه نقطة اتزان الكون، وتحول إلى مجرد مزودٍ مالي وشريكٍ في التهريج. لا يعني شيئاً أن يستاء الأب أو يغضب في السينما المصرية الجديدة، بينما كانت غضبة الأب في السينما القديمة تحقيقاً لمقولة: "غضب الأب من غضب الرب".
من المؤسف أنه لا يُمكن اختيارُ نموذجٍ بعينه لضرب مثالٍ عليه، فكل الآباء مهرجون: حسن حسني في معظم أفلامه الجديدة، ومنها فيلم إتش دبور، عزت أبو عوف سينمائياً وتلفزيونياً في أفلامٍ مثل عمر وسلمى ومسلسلاتٍ مثل العمة نور، حتى لطفي لبيب مهرج، مع أنه يُمثل عادة دور أبي الفتاة، والفتيات أقل (صياعة) من الفتية في السينما، خصوصاً البطلات اللائي يتزوجهن الأبطال في النهاية. وينسحب هذا التهريج على رجال الدولة كذلك، فأحمد راتب ليس إلا أباً مهرجاً في رامي الاعتصامي.
في الأفلام التي تُصنف على أنها أفلامُ (مثقفين)، يغيب الأب تماماً وتتلاشى صورته، فيتحول - إن وُجِد - إلى كيانٍ هُلامي يعيش على حدود مملكة الأبطال النفسية. البحث عن الأب في أحلى الأوقات لا يقود البطلة إلا إلى إيجاد زوج، لأن الأب الحقيقي مهرج عاطلٌ، والقائم مقامه مهرجٌ (شيك). في أوقات فراغ يغيب الأب تماماً، وفي أفلامٍ مثل دكان شحاتة، لا يحدث وجوده فرقاً أو غيابه.
تحول شخصية الأب إلى مهرج، وانسحاب هذا الدورِ على رجالِ الدولة، جعل التهريج ينسحب حتى على الشخصياتِ التي تُجسد الشيطان. رغم أن خالد صالح ممثلٌ ممتاز، إلا أن شخصيته في الريس عمر حرب أقرب إلى المهرج منها إلى الشيطان. هُنا، تتجلى إحدى صور معضلات هذا الجيل: قتل الأب كان دوماً الطريقة التي يتراجع بها النظام القديم، ويُفسح المجال لنظامٍ جديد يحلُ محله. أما الآن، فلا يوجد غير التهريج، ولا نظامَ جديد يحلُ محل النظام القديم. لم يعد هُناك صراعٌ لأن الجميع تساووا في الضحالة، ولم يعد للفضيلة معنىً أو للرذيلة، إذ لا يوجد اختيارٌ، ولا عُمق، ولا معنى لأي صراعٍ أو انتصار أو تسامٍ.

هناك 8 تعليقات:

  1. لن يخفى عليك بحكم دراساتك المسرحية أن غياب ((مفهوم)) التراجيديا كحبكة في السينما المصرية حالياً أخرج كائناً سينمائياً مشوهاً، فالتراجيديا هي التطور الطبيعي لأي عمل فني، تقريباً. الحالي هو التوجه إلى الكوميديا المسفهة، أو الواقعي المبالغ في فجاجته (حين ميسرة)، أو من حين لآخر تأتي اتجاهات حداثية.
    مثلاً، ولأني لمحت أكثر من مرة مقارنات بين (حين ميسرة) المصري، وفيلم (المليونير المتشرد) الهندي، في الأول يكاد يغيب تقريباًِ الغرض الفني أو الجمالي المفترض تواجده في الأعمال الفنية، يعني مثلاً، المفترض أن يتواجد نوع من المفارقة الجمالية، كي يؤدي الفن دوره الأخلاقي أو الفلسفي (هكذا بدأ)، المفارقة الجمالية موجودة في (المليونير المتشرد) رغم سذاجتها، باختصار لا يمر المتفرج بأي نوع من الكاثارزيس الصحّي في (حين ميسرة)، في حين يمر المتفرّج بالتقلبات العاطفية الضروري المرور بها أثناء استهلاك العمل الفني في (المليونير المتشرد).


    لا أعلم ما رأيك بخصوص أفلام (الستينيات)، وقتئذ كانت التراجيديا حاضرة بقوة وكذلك الاتجاه الأخلاقي. عموماً هذا لا يصنع فناً عظيماً، لا أدري هل أضطر للجوء للنظريات الاقتصادية لتفسير المسألة، فالطلب يخلق العرض المماثل له، في الستينيات أراد المشاهد المصري أن يرى مثل تلك الحكايات الأخلاقية، اذن، هل يريد المشاهد حالياً أن يرى مثل ذاك السفه ؟

    لا أجد الاقتصاد مفسراً للمسألة بالكامل، هل المشكلة كون المخرج والمنتج في السينما العربية يشكلان جبهة واحدة؟ كما لو لاحظت في الحملة الاعلانية الطريفة لميلودي، وذلك المنتج يضغط على أسنانه ويفحّ : مين دة اللي ح يغرق يا وديع؟


    المخرج العربي لا يعتبر نفسه متذوقاً للفن، آ.. الصنعة، بل مقدماً لها على الدوام، يحصر ذاته في الصنع، النسج، العجين، ولا يضع نفسه اطلاقاً مكان المشاهد، لا أدري اذا مرت عليك احدى مقالات د.أحمد خالد توفيق، بعنوان : جمهور واغش، هذه العبارة يوجهها مدير صالة عرض سينمائية لمن دخل عليه ليسأله أن يخفض الصوت، في الصالة، لأن الأمر صار نوعاً من التعذيب للمشاهدين، فيرد المدير : سيبك دة جمهور واغش، (أو شيء من هذا القبيل).
    هكذا فإن مفهوم الفردية داخل السينما المصرية عجيب ومضحك ومختلف عن فردانية الصناعات السينمائية في بلدان أخرى، وعموماً فإن أي اتجاه (فردي) في الاخراج يُقابل بالسخرية -(مثال : يوسف شاهين)

    أفترض من التاريخ الطويل لصناعة السينما المصرية (70 عاماً تقريباً)، أن تصل هذه إلى مرحلة الفردية في التلقّي، يعني أن تظهر أخيراً الاتجاهات الغرائبية، الما-بعد-حداثية، المميزة لأي نوع من الصناعة يمر عليه الأمد الطويل ويصل لدرجة التشبع ثم الرفاهية، لحظة، هل قلت كلمة رفاهية؟ هذه الكلمة باعتبارها كلمة ميثولوجية في البيئة المصرية أو العربية، لا يزال المشاهد في مرحلة الذوق (الساذج)، كلمة ساذج هنا ليست شتيمة، هو تقريباً ذلك النوع الذي يتكون لدى المرء حين لا يشاهد عدداً جيداً من الأعمال الفنية، العدد الكافي ليجعل المتلقي يملك نوعاً من الخبرة النقدية، مثلاً: من يعجبهم (twilight) ولا يعجبهم (Låt den rätte komma in) رغم أن الفيلمين يعالجان الموضوع ذاته ولهما نفس سنة الانتاج، إلا أن الأول أمريكي والثاني سويدي، المتفرج قليل الخبرة الفنية سيعجبه الأول لأنه لم يجد غيره، وغير مستعد لأن يتذوق غيره، شيء مختلف عنه.


    هل تطور السينما المصرية وبالتالي اضمحلالها (متغير endogenous/داخلي أم خارجي)؟ بكل تأكيد مرت هذه بفجوة أو صدمة خارجية سببت هذا الشكل الحالي (العجيب) من الأعمال الفنية المتأثرة حيناً بالسينما الأمريكية أو المغرقة في الهمّ المحلي بشكل فج. لكن هل يحضر دور الفن في نوايا صنّاع السينما العربية ؟ يعني، ما دور الفن بالضبط؟ ما (المفهوم الفني) الذي يحرّكهم ؟

    سؤال طريف.
    المشكلة ربما تتلخص في (أزمة الذوق المحلي) الذي لا يجد طريقه للتطور أو لأن يصبح أكثر نخبوية، أعني، تكوين شكل نخبوي محلي/لصيق بالهوية العربية أو المصرية، في السينما، هذا لا يتكون بسهولة لأن ما يتم انتاجه من أفلام هو السفيه، والمشاهد لا يجد أمامه غير هذا، (نفس مشكلة الذوق الساذج اياها)، من أين يطوّر المشاهد ذوقاً جيداً وبالتالي طلباً جيداً.
    دائرة مفرّغة.

    عموماً أجد أن مشكلة السينما صارت عالمية، لا أدري هل أتوهّم أم أن شريحة عريضة من الأفلام سواء أمريكية، عربية، غيرها، صارت تكرّس للتفاهة.
    عذراً للاطالة.

    ردحذف
  2. إممممم .. بَعدَ مَا رأيت تَعليِق الـــ"غَير مَعروف" قَبلِي .. تَرددت فِي الرَد D:

    أنـَا وبِكُل صَراحَة لَست مِن مُتابعيِن الفَن المَصرِي , مَع أن كُل مَن حَولِي مِن متابعينُه ومُشاهدينُه ..

    لِذا أميِل لِمتابَعَة الفَن الأجنَبِي (الانجليزِي) فِي أوقَات مَللِي أوبدافِع الفَضُول أيضاً .. ! =]

    فِي يَوم مِن الأيـَام أقنعُونِي بِالذهَاب مَعَهُم لِمشَاهدة "عُمر وسَلمى 2 " بحجَة أنه " يموت مِن الضُحُك " وتَخطَى حدُود الكُوميديَا .. !!

    أحسست بِضياع ساعتيِن مِن حياتِي عَلى أتفه الأفلام .. يعنِي أوافِق مَا قلتِه أن الأفلام التِي تحتوي عَلى مشاهِد خليعَة و"الشعر " و"الصدر" و و .. الخ :( هِي الأفلام الناجِحَة للأسـف

    وأعتقد برأييِ هذا كله لِتفاهَة الشبابّ وفِكِرهُم المُنساق للتفاهَة .. !

    وكَانت آخر مَرة أشُوف فيها فيِلم مَصري الحَمدالله ..

    لأنهَا حقاً " بِلا مُونتاج " .. " بِلا قُصَة " .. " وأعتَبرهَا أتفَه مِن السينما الأجنبيَة , عَلى الأقل الأفلام الأجنبية التِي أتابِعهَا أغلبهَا تمثيل لـ"روايَة ناجحة فِي السُوق "

    واعذرينِي عَلى عَدَم تعليقِي عَلى الأفلام التي ذكرتيهَا .. لكننِي حقاً لَم أشاهد أياً مِنها :(

    ولكننِي أوافقك فِي جميع الآراء التِي ذكرتهَا


    .. وأريد التعليق عَلى قَول "المَجهُول " اللذي قَام بالتعليق P:

    بالنِسبَة لآخِر ما قلتُه عَن ورم التفاهَة المتفشِي فِي السينمَا .. والذي أصبح يعد " عالمياً "

    أرَى أن بعض الأفلام "الأجنبيَة " ناجِحَة وتُبنِى عَلى قِصص حَقيقيَة وروايَات رائِعَة .. وليِس بالضَرورَة أن تحتَوي عَلى مشاهِد خليعَة :) أجد هذا مفيداً أكثَر فِي تضييع الوَقت P:

    يعنِي بما أننِي فِي الحَالتين لديّ بعض وقت الفراغ .. فأفَضِل أن استغلُه فِي مُشاهدة فيلم أجنبَي لا \عَرَبِي \ !!!

    اعذرونِي عَلى الإطــالَة :)

    دُمتِي سالمَة عَزيزتِي وأحييكِي عَلى الرُقِيّ

    ردحذف
  3. أعتقد أن مفهوم التراجيديا غائبٌ في السينما المصرية مُنذ نشأتها، خلا محاولاتٍ للاقتراب منها كما في أفلامٍ مثل: [العزيمة]، [الأرض]، [المواطن مصري]، وغيرها القليل جداً. بل إن الكوميديا الأرسطية – التي يُمكن اعتبارها الكوميديا (الأصلية) – غائبة عنها، خصوصاً في هذه الفترة، فأرسطو يفهم الكوميديا على أنها: "السخرية من حماقات الرجل العادي." وبموضوعها، فإنها أقل درجة من التراجيديا المعنية بمصائر "الرجال ذوي الهيبة" ومحاولتهم التحكم في مصائرهم، والتغلب على إنسانيتهم. التراجيديا أكبر من الحياة، بينما الكوميديا مساوية للحياة، وأقل منها قليلاً.

    الأفلام المصرية لا تطبق مفهوم الكوميديا كما يراه أرسطو، إذ لا تسخر من حماقات الرجل العادي، بل تمجد سخافات النموذج الذي تفترضه للرجل العادي: الثري جداً، أو العشوائي جداً. لا تقدم الكوميديا فضيلة التنوير، أو التطهير، أو حتى الضحك النظيف، وهذه مفارقة (السينما النظيفة) اليوم.

    إشارتك إلى المقارنة بين [حين ميسرة] و[المليونير المتشرد] في محلها تماماً، إذ أنني قرأت أكثر من مرة مقارناتٍ سطحية بين الفيلمين، خرج بعضها بنتيجة مفادها أن داني بويل سرق فيلمه من خالد يوسف، وأن الأحق بالأوسكار كان الأخير. الفيلمان موضع مقارنة فعلاً، لأن أحدهما يُمثل الصنعة الحقيقية التي تُخلف التأثير الدرامي، والآخر يُمثل ما يُمكن أن نسميه (اللا صنعة). في [المليونير المتشرد] كان البناء الدرامي المشدود والمحكم أساس الفيلم، فلولا معمار الفيلم لما كانت الحكاية قابلة للتصديق إطلاقاً، لكن تظافر الإخراج والتصوير والمونتاج والموسيقى جعل من الحكاية مقبولة وممكنة، وتحقق غرض التطهير للمتلقي. إن جمال مالك لم يكن رجلاً سيئاً، وعليه استحق الفوز في النهاية، بينما كان أخوه سليم رجلاً شريراً ونال عدالته الشعرية. أصل الفكرة ساذج، لكن طريقة بناء الفيلم عن طريق الأسئلة والأجوبة وعرض لمحاتٍ من حياة الأخوين جعلته تحفة سينمائية، وخلقت التأثير النهائي. على النقيض من ذلك، نجد أن [حين ميسرة] يصفعنا بفجاجته منذ البداية. صحيح أن الفن قد يصور العنف وانحرافات النفس البشرية، لكن التصوير الفني للموضوع يجعله بحد ذاته فناً، وهنا لم يصور خالد يوسف موضوعه الفج تصويراً فنياً، بل أراد أن يصفع متلقيه بكل تلك الفجاجة مباشرة. والسؤال، ما القيمة الفنية التي حصلنا عليها من مشاهدة [حين ميسرة] ولم نحصل عليها من مشاهدة تقريرٍ تلفزيوني عن العشوائيات أو التوربيني؟ لقد سقطت عوامل الصنعة: الإخراج، التصوير، المونتاج، والموسيقى.

    يرى فريدريك نيتشه أن فكرتنا عن التراجيديا الإغريقية مشوهة لأن الموسيقى المصاحبة لها لم تصلنا، وفي كلامه قدرٌ كبيرٌ من الصحة. الموسيقى – بوصفها الظاهرة نفسها لا صورة عنها – تخلق التأثير الدرامي الأكبر، إذ أنها قادرةٌ على إضفاء العُمق و(الهيبة) – أساس التراجيديا – على أي موضوعٍ فني يُمكن التعبير عنه. وعامل الموسيقى مفقودٌ في كل الأفلام المصرية اليوم، فلا يُمكن أن نسمي موسيقى [حين ميسرة] – مثلاً – موسيقى ذات عمقٍ و(هيبة)، ولا يُمكن أن نتحدث عن الموسيقى في الأفلام الكوميدية. بقية عناصر الصنعة منفذة برداءة، فمعمار الفيلم المصري – أي فيلم – مهلهل.

    لا أعتقد أن التراجيديا كانت حاضرة في السينما المصرية أبداً، ولا حتى في الستينيات، فالأفلام التي سادت في تلك الفترة أفلامٌ تدخل تحت تصنيف (الكوميديا الشعورية)، وفيها تحل بالطيبين الرزايا بفعل الأشرار، ويخرج الابن عن طوع أسرته ليهرب مع الراقصة، ثم يُصاب بالعمى والشلل ويتوب ويعود إلى أسرته. هذه ليست تراجيديا أبداً، وتصنيفها (كوميديا) يأتي لأن موضوعها – رغم كونه غير فكاهي – أقل من الحياة، ولا يحقق شروط التراجيديا: الهيبة، العمق، الخطأ في الحكم، والعدالة الشعرية. العدالة الشعرية تعني أن الشر يلقى جزاءه في النهاية، والشر ينتج عن خطأ في الحكم عند الأبطال – الذين هم أكبر من الحياة، لا عن المصائب التي تقع على الأخيار من دون سبب.

    ردحذف
  4. أعتقد أن المشاهد تربى على أفلام الستينيات والسبعينيات وما فيها من كوميديا شعورية سيئة التنفيذ، وفقاً لمذكرات السيدة اعتدال ممتاز التي كانت مدير عام دائرة الرقابة لفترةٍ في مصر، فإن الأفلام الهابطة التي تنتجها مؤسسة السينما كانت صداع دائرة الرقابة المزمن. دائرة الرقابة لم تكن قادرة على منع أفلام مؤسسة السينما بحجة رداءة المستوى الفني، لأن القانون لا يُجيز المنع إلا لأسبابٍ سياسية أو اجتماعية، فالمشرع لم يضع البعد الفني للأعمال في حسبانه. هكذا، نجد أن القطاع العام نفسه يتورط في إنتاجِ أفلامٍ رديئة تساهم في تشويه المفهوم الجمالي عند المتلقي. وفي الحقيقة، لا يصعب تفهم سر نظرة المواطن العادي المرتابة إلى الفنانين بينما تقدمهم السينما التي يصنعونها بوصفهم كائناتٍ منحلةٍ تمارس كل أنواعِ الرذيلة باسم الفن، ومن دون أي غرضٍ جمالي. إن صناعة السينما صارت نوعاً من الصناعات المخجلة التي يأخذها الجميع باستخفافٍ تام.

    لقد كانت الأفلام المصرية تصدر إلى كُل الدول العربية، لذلك يُمكننا القول إن الذوق المفروض على المشاهد المصري قد فُرِضَ أيضاً على المشاهد العربي. وبشيء من سعة الخيال، يُمكننا أن نقول إن النظرة القاصرة لمصر عند بعض الأثرياء العرب في عصر الانفتاح ناجمة عن الصورة المشوهة للسينما في تلك الفترة، والآن، فمصر ليست في السينما المصرية سوى مباءة كبيرة للرذائل. بل إن القاهرة تكاد تتفوق على لاس فيغاس ونيويورك في هذا الصدد!

    المسألة ليست اقتصادية بحتة، لأن أصل الموضوع البحث في (صورة الأب) المتغيرة في السينما، هُناك تغيرٌ في الوعي السائد حالياً، وهذا التغير اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي. يُمكن لنا أن نجنح إلى الخيال من جديد فنقول إن جمال عبد الناصر كان يُمثل صورة الأب، وصورة الأب اضمحلت مع انهيار الناصرية وصعود المد الجديد: اتفاقية الكويز، اقتصاد البطالة، انتشار العشوائيات، غياب الهيبة.

    لكن، لنعد من جديد، حتى في الستينيات والسبعينيات كانت الأفلام على درجة كبيرةٍ من الرداءة والإسفاف. أعتقد أن المسألة في الشخصيات: المُنتج والمُخرج. في العالم العربي، المُنتج يعني الممول، أو مالك رأس المال، بينما في هوليوود – مثلاً – المُنتج يختلف عن الممول، فالمُنتج – أو المنتجين – المسؤول عن الدائرة الإدارية للفيلم، فيكون عليه تحديد جداول التصوير وميزانياتها، وجلب الممثلين – بالاتفاق مع مخرج الفيلم ومسؤول اختيار الممثلين – وطاقم العمل في الفيلم، والإشراف على تصنيع متطلبات الفيلم. المُنتج مدفوع الأجر مثله مثل المخرج الذي يتولى المسؤولية عن الدائرة الفنية للفيلم، من اختيار المناظر والممثلين وتحديد زوايا التصوير – بالاتفاق مع مدير التصوير – واختيار موسيقى الفيلم الملائمة له، وتكوين الجو العام مع الاعتناء بتفاصيل الفيلم الفنية التي يراها المشاهد النهائي على شاشة السينما. لذلك، المُنتج والمُخرج في جبهة واحدة، وكثيراً ما يحدث أن يستولي المنتج على الفيلم بأكمله كما حدث مع ديفد سلزنيك في [ذهب مع الريح]، بينما يغلب أن يستولي المخرج على الفيلم مع المخرجين ذوي الشخصية، ويتولى المخرج بنفسه مسؤولية الإنتاج كما مع المخرجين المؤلفين.

    المخرج يتهم المنتج (الممول) بمصادرة رؤيته الفنية، بينما إذا تُرِكَ الحال للمخرج، لما قدم شيئاً يخرج عن رؤية الممول. المسألة شخصية: ففي تاريخ السينما المصرية، كانت معظم الشخصيات العاملة في السينما تأخذ المسألة باستسهالٍ تام، وتُقدم رؤيتها المعوجة لطبيعة العمل الفني بوصفها الصيغة السائدة. كُل المخرجين يُريدون أن يكونوا مبدعين، وفكرتهم المشوشة عن الإبداع تجعلهم يستنسخون بعضهم لدرجة مخيفة.

    فردية يوسف شاهين مثلاً تُقدم نموذجاً آخر للقطيعة مع الجمهور، لدى يوسف شاهين مفاتيح محددة لأعماله، وهذه المفاتيح تستثني الجمهور من المعادلة. مثلاً، يعتقد برتولد بريخت أن المسرح مسؤولٌ عن إقناعِ الجمهور باتخاذ موقفٍ، لكن يوسف شاهين يسلب من جمهوره حق اتخاذ موقفٍ معين. هُناك أسامة فوزي وأفلامه المميزة، ثم سقطته في [بالألوان الطبيعية]. لماذا سقط فيلم أسامة فوزي هذا السقوط المدوي وهو واحدٌ من المخرجين الأفراد القلائل في السينما العربية؟

    يقول خالد يوسف إن السينما عرضٌ من أعراض الواقع، ولا يُفترض بنا أن نحملها فوق طاقتها فنطلب منها أن تُقدم فناُ راقياً بينما الأوضاع في البلد غاية في الرداءة. الدائرة مفرغة كما تقول، فالسينما تنتج عن رداءة الواقع، ومن ثم تساهم في تثبيت هذه الرداءة. والسؤال الرئيسي: ما المفهوم الفني الذي يحكم هذه الرداءة؟

    السينما النخبوية موجودة في كُل مكانٍ في العالم، وهذه سينما معروفة بأنها للخاصة. غير أن التيار الرئيسي للسينما في أي مكانٍ معني بمخاطبة الجموع، والجموع تشمل الخاصة والعامة، لذلك يجب أن يقف الفيلم السينمائي في المنتصف. أن يُقدم صورة جيدة، ويناقش فكرة، ويبتعد عن (رطانة)المثقفين.

    ردحذف
  5. لكننا نعود إلى المربع الأول: الصنعة مهلهلة. فلا الإخراج مقبول، ولا المونتاج يساهم في القصة، ولا الموسيقى ذات عمق، ولا التصوير يصلح وسيطاً فنياً.

    [Twilight] واحدٌ من الأفلام التي صُنعت لجمهورٍ بعينه، ويمكن لنا أن نعتبرها من أفلام (الخاصة)، إذ تخاطب جمهوراً بعينه من المراهقات المتطلعات إلى قصةِ حبٍ يتصارع عليهن فيها مستذءب ومصاص دماء. السلسلة القصصية تافهة، وسلسلة الأفلام لا تقل عنها تفاهة، لكن الجمهور متعطش إلى وهمٍ جديد بعد [هاري بوتر]، كما أن مجلة [إمباير] ترى إن هناك نوعاً من الفتيش المتعلق بمصاصي الدماء في السينما الأمريكية. في المقابل، توزيع الفيلم السويدي محدود، كما أن كآبة الأجواء السويدية، وقتامة الفيلم تجعله من أفلام (الخاصة)، فالمراهق العادي لن يفكر في الذهاب لرؤية فيلمٍ عن مصاصي الدماء في السويد، بينما [Twilight] يُقدم له مص الدماء والمستذءبين، والوهم الشبيه بهاري بوتر. (روبرت باتنسون مثل في [سلسلة هاري بوتر]، بينما يبدو لي أن المؤهل الوحيد الذي تملكه كريستين ستيوارت شبهها بإيما واتسون في السلسلة نفسها).

    الأسئلة التي تطرحها في غاية الأهمية، فما الذي تريده السينما اليوم؟ وما الذي أرادته بالأمس؟ وهل لنا أن نفترض أن السينما تضمحل حالياً بينما لم تزدهر ولم تتطور منذ سبعين عاماً؟ حديثك عن الرفاهية يُذكرني بعقدة أول فيلم رُعب، فبعد أفلامٍ مثل [سفير جهنم] و[التعويذة]، لا زلنا نقرأ في المجلات المصرية عن محاولاتٍ لإنتاج (أول) فيلم رُعب، والقصة نفسها دائماً: مجموعة من الشباب يجتمعون لإحياء مصاص دماء في أحد أحياء القاهرة، أو: مجموعة من الشباب في رحلة خلوية يهاجمهم مسخ ويبدأ في قتلهم واحداً وراء الآخر. ما الفائدة من إنتاج مثل هذه الأفلام في وجود [مشروع ساحرة بلير] وأفلام مصاصي الدماء التي لا تنتهي في السينما الأمريكية؟ إنها نظرية (أول) فيلم والسلام، مع أنه قد يكون الفيلم المائة في نفس الثيمة، لأن صُناع السينما يمتازون بذاكرةٍ قصيرة الأجل، وعداء للتاريخ. لهذا تضمحِل السينما ولا تتطور، لأنها لا تنظر إلى تاريخها، ولا تحاول أن تُجدد، وكُل من فيها يتحرك بوهم (الأول).

    أعتقد أن العام 2009 لم يكن على مستوىً طيب في السينما الأمريكية، والعام 2010 يُبشر بأنه لن يتجاوز 2009 في هذه المسألة. هُناك حالة غريبة من الاجترار والتكرار وسوء المستوى الفني، مع إعادة اكتشاف معظم صُناع السينما لنظرية الكاميرا المهتزة. جديرٌ بالتأمل أن هذا العام شهِد إصدار عددٍ من الأفلام كانت مشاريع العُمر لصناعها: [أفاتار] جيمس كاميرون و[أليس في بلاد العجائب] تِم بِرتُن مثلاً، ومع أنها حققت أرقام توزيعِ عاليةٍ في شباك التذاكر بسبب التقنية ثلاثية الأبعاد الجديدة التي صُوِرَت بها، إلا أنها شكلت تراجعاً في مسيرة المخرجين على الصعيد الإبداعي: إن [أفاتار] برغم تقنيته المتطورة يخلو من الرُعب البري ورُهاب التكنولوجيا الذي ميز فيلم كاميرون [تريمنيتر] ومن العمق الإنساني الذي ميز فيلمه الآخر [تيتانك]، لذلك كان طبيعياً أن يخرج خالي اليدين من الأوسكار. فيلم [ألِس في بلاد العجائب] كان يفقد شيئاً ما مع أنه يدور في عالم بِرتُن صاحب الأطفال المهجورين. هُناك أيضاً: [العظام الحبيبة] لبيتر جاكسون. كُل هؤلاء مخرجون تفوقوا في التقنية، وخسروا في الروح.

    مع ذلك، يبقى للسينما الأمريكية أنها لا تغش المشاهد تماماً. فمقابل التذاكر الغالية يستمتع بفيلمٍ مصنوعٍ جيداً، تصويره ومونتاجه جيد، ولا يتعرض للتعذيب الذي تُخضعه له السينما المصرية بوصفه جزءاً من جمهورٍ (واغش).

    أشكرك جزيل الشكر لهذه التأملات القيمة، وإضاءتك لجوانب أخرى من الصنعة السينمائية. وأُقدر ردودك التي تُحفز على مزيدٍ من التفكير دائماً.

    تحياتي القلبية..

    ردحذف
  6. جود..

    لم أشاهِد [عُمر وسلمى - 2] من مبدأ حِفظ الذات، فبعد التعذيب الذي تعرضت له في الجزء الأول من الفيلم، وجدتُ أن الجزء الثاني لن يُقدم لي شيئاً ذا بال. لذلك أفهم شعورِك أثناء مشاهدة الفيلم الذي أعتقد أنه لا يفضل سابقه في شيء.

    المفارقة، أن الشباب الذي يُشاهِد أفلاماً مثل [عُمر وسلمى] و[رامي الاعتصامي] يُشاهد أفلاماً مثل [الكفارة] وحتى [أفاتار]. لا بُد من وجود تفسيرٍ ما لهذه الازدواجية في المعايير. فالسينما الأجنبية التي تُعرض في البلاد العربية لا شك تُساهِم في صياغة ذوقٍ ما خاصٍ بها. يُخيل لي أن المشاهِد يعامل الأفلام بمعيارين: فلو كانت عربية قبل منها أسوأ علاماتِ التدني، ولو كانت غربية توقع منها اختراق سقف المعقول.

    بخصوصِ تمثيل الرواية الناجحة في السوق، فقد بنت هوليوود نفسها على اعتصار الأدب، لكن نجاح الرواية لا يعني نجاح الفيلم، فالرواية وسيطٌ فني يختلف تماماً عن الدراما. الدافع السردي غير الدافع الدرامي، وتكييف رواية ناجحة للسينما ليس ضماناً لنجاح الفيلم، لأن الفيلم مقوماتٌ عديدة غير الفيلم.

    واحدٌ من أقرب الأمثلة فيلم [المليونير المتشرد] الذي كان تكييفاً لروايةٍ ناجحة، فمعجبو الرواية سيدهشون عندما يجدون أن الفيلم قد غير معظم معالمها. لكن هذا التغيير أساس نجاح الفيلم، فلا يُمكن للجمهور أن يتعاطف مع بطلٍ خليط ثلاثي الديانة، ولا يُمكن له أن يؤمن بالمسألة القدرية لو لم تكن لاتيكا حبيبة البطل منذ الطفولة، ولا يُمكن له أن ينظر في مصائر الأطفال لولا مصير الأخوين. لينجح الفيلم، كان ينبغي أن يُغير معالم الرواية. الأمر نفسه بالنسبة لفيلم [المريض الإنكليزي]، أما نقطة ضعف [الحب في زمن الكوليرا] فكانت الالتزام بالرواية.

    يقول ريف فاينز تعليقاً على كون معظم أفلامه اقتباساً من روايات: "أعتقد أنه على السينما أن تصل إلى مرحلةٍ تستطيع فيها أن تقوم بذاتها، وتروي حكاياتها الخاصة من دون الاعتماد على رصيد الكُتب عند الناس."

    بوصفك مستهلكةٍ، فإن من حقك اختيار السلعة التي تريدينها. والسينما الأمريكية تُقدِم صنعةً أفضل. أعتقد أنه لو تشكلت موجة عزوفٍ تامٍ عن مشاهدة السينما العربية عند أوساط المستهلكين من الشباب، فإن المُنتج (الممول) والمخرج سيضطران لإعادة النظر في الذي يُقدم بوصفه سينما.

    لا تعتذرا عن الإطالة أبداً.

    أشكركِ على تعليقك الجميل، وأتمنى لكِ دوام العافية والسلامة ومشاهدةً ممتعة لأفلام لا تستخف بالعقل.

    تحياتي القلبية..

    ردحذف
  7. أغرب نموذج شفتي في حياتي لدور أب في السينما المصرية في تاريخها، هو دور عادل إمام في التجربة الدنماركية.

    قد تكون صورة الأب في السينما محصورة في أشكال بسيطة وسلبية، وقد يكون الدافع الأساسي من الفيلم هو تقديم عمل مربح والسلام، ولكن أن تكون عن طريق تقديم صورة الأب بهذه الهيئة الهدامة المهينة وفي نفس الوقت يكون هو بطل القصة بأسلوبه وتجاوزاته، فدة شئ لا يصدق، ولا أعرف كيف نفد عادل إمام بفعلته هذه.

    ردحذف
  8. فاتني تماماً دور عادل إمام في ذلك الفيلم، رُبما لأنني لم أتابعه، لكنك محق. إنه واحدٌ من أوضح أمثلة تشويه صورة الأب في السينما. كذلك، كان وزيراً، أي أنه يُمثل صورة الأب المُهرج بكافة وجوهها في السينما.

    غريبٌ أن النقاد هاجموا نيكول سابا، وتجاوزوا عن دورِ الأب المهين والمسيء في الفيلم. رُبما، لذلك يتمادى صُناع السينما في تقديم صورةِ الأب المهرج. إنهم يتقدمون بوهم أنهم (أول) من يقدم أباً (فرفوشاً)، بينما هم جزء من طابورٍ طويل يُقدم صورةٍ واضحة لأزمة هذا الجيل الذي لا يجد أباً!

    ردحذف