11 سبتمبر 2010

1984

أثناء مباراة السوبر بول - ذروة مشاهدة التلفاز في الولايات المُتحدة الأمريكية - في 1984، عرضت شركة آبل إعلانها الشهير "1984". عُرِض الإعلان الذي أخرجه ريدلي سكوت مرةً واحدةً فقط، ودخل تاريخ الإعلانات - والتقنية والثقافة الشعبية - بوصفه "مانفيستو" ثورة. قبل عرض الإعلان بأشهر، تحدث ستيف جوبز في مؤتمر أبل 1983 عن فلسفة إعلانه، وعن نيته إسقاط الشركة الزرقاء IBM، شركة التقنية العملاقة المستمرة منذ القرن التاسع عشر.
العداء بين جوبز وIBM - التي يلجأ إليها بيل غيتس لتستحوذ مايكروسوفت على السوق - عداء آيديولوجي عنيف يجعل من الشركة الزرقاء العدو الأوحد له، رغم أن آبل في منافسةٍ طاحنة مع شركاتٍ أخرى. إعلان "1984" يُصور هذا العداء الآيديولوجي مستوحياً أجواء رواية جورج أورويل الشهيرة 1984، فيُقدم عالماً يحكمه الأخ الأكبر الذي يُهيمن على مجموعة من السجناء مطموسي الهوية، ويخاطبهم عن طريق شاشةٍ عملاقة. يظهر المُخلص في هيئة بطلة أولمبية - الشخصية الوحيدة بالألوان الطبيعية في الإعلان - تحمل مطرقة عملاقة وتركض بين السجناء مُلاحَقَةً من قِبل شرطة الأخ الأكبر. تُلقي البطلة المطرقة على الشاشة، فتُدمِر صورة الأخ الأكبر، وتظهر عبارةٌ إعلانية تُنبئ عن وصول أجهزة حواسيب ماكنتوش، وتقدم وعداً من أبل بأن الأخ الأكبر لن يحكم العالم في وجودها.
ما أعقب "1984" قلب عالم الحوسبة رأساً على عقب، لا بالطريقة التي أرادها ستيف جوبز والثوار التقنيون، بل بالطريقة التي أرادها الحرس القديم في IBM. نجحت حواسيب ماكنتوش، وأوشكت على طرد IBM من عالم الحوسبة، غير أن الشركة الزرقاء ردت بشكلٍ موجع على آبل: سمحت لمصنعين خارجيين بتصنيع عتاد الحاسوب بناء على نموذجها للحاسب الشخصي، ولم تكلف نفسها عناء تقديم أنظمة تشغيل لأن بيل غيتس قد أنشأ - مع ستيف بالمر وبول ألِن - شركة مايكروسوفت للبرمجيات. دخل العديد من اللاعبين مجال تصنيع الحواسيب الشخصية، تأسست دِل، وطُرِد جوبز من آبل، ثم دخلت آبل طور الموت الإكلنيكي، وتحولت من أكثر شركات وادي السليكون ازدهاراً إلى زومبي.
يستطيع أيُ مُهتمٍ بالأعمالِ استخلاص دروسٍ قيمة من قصة صراع جوبز مع IBM، لكن المغزى الحقيقي لحكاية "1984" الحال الذي آلت إليه الحوسبة اليوم. فبعد ستةٍ وعشرين عاماً من صراع تايتنات الحوسبة، انتصر الأخ الأكبر انتصاراً ساحقاً، وتحول مسار الحوسبة تماماً عن مسارِه المُفترض لو لم تتدخل IBM لتقتل آبل. في السبعينيات، كانت الحواسيب الشخصية تُصنَع من قِبل الأفراد لتخدم احتياجاتهم الفردية التي تتجاهلها الشركات الكُبرى. ثم قدمت شركة آبل جهازها الشهير Apple II ليكون أشهر حاسبٍ شخصي يوزع بشكلٍ تجاري. فكرة Apple II كانت بسيطة: توفر آبل العتاد، ويعود أمرُ برمجة الجهاز للمشتري. صحيح أن هذا المُقترب قد حصر استخدام الحاسوب الشخصي في فئة القادرين على البرمجة، لكنه أيضاً وفر حرية كبيرة للمستخدمين في نوعية التطبيقات التي يختارونها، والاستخدام الذي يفضلونه لأجهزتهم. لم يكن لآبل - حينها - شأنٌ بما يفعله المُستهلك بجهازه، وكان ذلك العصر الذهبي للحاسب الشخصي الحر.
يُفتتح فيلم قراصنة وادي السليكون (1999) بإعلان "1984"، ويُختتم به. في البداية، يُريد ستيف جوبز تدمير الأخ الأكبر، لكنه يستسلم بعد عقدٍ له - في مشهدٍ آيقوني، يتحول بيل غيتس إلى الأخ الأكبر الذي يملأ الشاشة وينظر باحتقارٍ إلى جوبز بينما يُعلن انتهاء عصر المنافسة بين آبل ومايكروسوفت باستسلام آبل التام والنهائي للأخ الأكبر. لقد انتهت مجالدة جوبز إلى هزيمة مُذلةٍ أمام غيتس الذي ققز على ظهر التايتن IBM ليُنهي عصر الحواسيب الشخصية الذهبي. لا أحد يملك حاسوبه اليوم: العتاد تملكه الشركة مصنعة العتاد وتمنع تعديله، ونظام التشغيل مملوكٍ لمايكروسوفت. كُل ما يملكه المُستخِدم اليوم (رُخصة) لاستخدام المُنتجات التي اشتراها، وفقاً لشروط الجهات المُصنِعَة.
ينتهي قراصنة وادي السليكون باستسلام جوبز للأخ الأكبر (غيتس)، لكن القصة تستمر بعد نهاية الفيلم: جوبز يصير الأخ الأكبر الجديد. لقد خرج جوبز من جوف التايتن ليصير تايتن آخر، فبعد أن كانت أنظمة آبل مرنةً، صارت اليوم مُغلقة أكثر من أنظمة مايكروسوفت نفسها. لم يعد أحدٌ قادراً على التصرف في جهازه خارج ما يرغب فيه الأخ الأكبر. مُقابل الطاعة التامة، يُقدم الأخ الأكبر للمستهلكين الرفاهية والعتاد المصنوع بشكلٍ يجعل منه عملاً فنياً مقارنة بأقفاص الحمام - كما يُسميها جوبز - التي تُصنعها الشركات الأخرى ومنفذاً إلى احتكاراته الكُبرى. لم تكتفِ آبل بالتحكم بأنظمة الحاسوب تماماً، لكنها نقلت سلطتها إلى أجهزة الهواتف، والحواسيب اللوحية، ومشغلات الأغاني. وعندما قبلت المحكمة أن يكسر المستخدم حماية جهازه الشخصي ليحصل على مزيدٍ من الحرية في استخدامه، تحرك الأخ الأكبر طالباً براءة اختراع لبرنامج يعمل في الخلفية ويقيس كل ما يفعله المستخدم بجهازه ليمنع أي محاولةٍ لكسر حماية الأجهزة.
وفرت الحوسبة السحابية الفرصة للأخ الأكبر ليُحكِمَ قبضته أكثر على حيواتِ المستهلكين الإلكترونية، وليُسيطر على مجريات حيواتهم: لم تعد الملفات تُخزّن في خوادم محلية، بل في مكانٍ بعيد في السحابة الكونية. لا أحد يعرف بالضبط ما البرامج التي تُشغِل خوادم الحوسبة السحابية، ولا نوعية المعلومات التي تحتفظ بها عن المُستخدم. الحوسبة السحابية نوعٌ من بطاقات الائتمان يصير المستهلك بموجبها مديناً أبدياً للبنك صاحب البطاقة، يجمع من خلالها صاحبُ البنك معلوماتٍ حول ميول المستهلك وعاداته الانفاقية وقيمته السوقية، ومن ثم يبيع هذه المعلومات ويشتريها كما يأمر السوق. التحقت آبل بعصر الحوسبة السحابية، وتفوقت على كثيرٍ من الشركات في هذا المجال: صارت التايتن الذي يتحكم بما يملكه المُستهلك من تطبيقات، وما يُسمح له بتحميله، وما يُسمح له باستيراده واستخدامه. لأن المُحتوى يبقى ملكاً للتايتن، فإن المُستهلك - دافع النقود - ليس غير مُستأجرٍ للخدمة وفقاً لشروطٍ مُسبقة، عرضةً للتغيير في أي وقت من دون إشعارٍ سابق. (يحتفظ ستيف جوبز شخصياً بسجل غير مسبوق في عمليات المنع والمصادرة على آي تونز، حيث أنه يمنع التطبيقات التي تحتوي على مُحاكاةٍ ساخرة لأيِ شخصيةٍ معروفة، ومنع منشورات دار وايلي على أجهزة آبل لشرها سيرة له لم تُعجبه. ويُشكلُ مع إريك شميدت، الرئيس التنفيذي لشركة غوغل، ثنائي تايتنات مُعادياً لفكرة خصوصية المُستهلك.)
مُشكلة ثورة 1984 كانت أن الثوار لم يستطيعوا تقديرَ قوة IBM، والمعونة التي تلقتها من مايكروسوفت. ككل ثورةٍ، التهمت أبناءها، وغرقت في الدم والخيانة، وصارت بحاجة إلى ثورةٍ جديدة لتصحيح مسارها. غير أن نظام 1984 يبدو نظاماً غير قابلٍ للاختراق، لأن الكُل يتحول إليه: آبل، غوغل، فيس بوك، وحتى كانونيكل. رُبما الحريةُ الحقيقية للُمستخدم اليوم ألا يقترب من العالم الإلكتروني، أو من بطاقات الائتمان.

هناك 10 تعليقات:

  1. قرأت مزرعة الحيوانات لجورج أوريل
    و في الطريق لقراءة 1984
    مع تحياتي

    ردحذف
  2. في الثقافة الاستهلاكية البسيطة - بعيداً عن أية تنظيرات تحليلية. آبل تقدّم لمستهلكيها المنتج (الجميل). يبدو لي أن اهتمام آبل بالمحتوى الجمالي أو الذوقي ساعد على تحويل الاهتمام إليها، أظن أن آبل لعبت لعبة (الهاتف المحمول) كخطوة استراتيجية لتحويل الاستهلاك إلى بقية منتجاتها، فـ (آي.فون) بما يقدمه من امكانات غير موجودة بمحمول آخر، شكل جديد، صَرْعة جديدة، الخ، ومعه الـ(آي.بود)، خط سير آبل الحالي في اتجاه المنتجات (العجائبية)، من مثل (آي.باد). تكاد لا تنافسها فيه شركة أخرى. هذا من ناحية الهارد.وير.
    ولا ننسى أن آبل تقدّم نظاماً تعسفياً (هارد.وير + سوفت.وير) شكل أنيق وجمالي من العبودية كما وصفت في تدوينتك.

    كانت لدي تجربة مع نظام (أوبنتو). وفي رأيي أوبنتو يتفوق على ويندوز وماك.أو.إس. أوبنتو بيئة مخصوصة للمطوّرين، وهو خفيف على قلب كل من لا تهمه كثيراً (ألعاب الفيديو) مقابل اهتمامه بالعمل الحر على جهاز حر. بالاضافة لهذا الإحساس الذي يمنحه لك أوبنتو (النظام المستوحى من الفلكلور الافريقي، بدعمه افريقيا، وبحريته ضد فاشية أنظمة التشغيل الأخرى). أنّك (آكتيفيست).

    تستمر آبل في تدليل المستهلكين من (صاحبي المزاج العالي)، حين تهتم بالملتي.ميديا خصوصاً والغرافيكس، ويُقال أن نظام تشغيل ماك. مفضّل خصوصاً لمصممي الغرافيكس. طبعاً بالاضافة إلى الأسعار الباهظة لمنتجات هذه الشركة، واستحالة حصول مستخدمي اللغة العربية على بيئة منسّق نصوص تدعم العربية بشكل محترم. وفي نظام ماك. عليك أن تشتري من آبل كل الـ(آبليكيشنز) التي لا غنى عنها لك ومنها كما ذكرت منسق النصوص.

    أما، بالطبع، ويندوز بكل اصداراته مناسب تماماً كبيئة ألعاب. بالاضافة إلى (احترامه) للمستخدم العربي بما يقدمه من منسقات نصوص يمكن التعامل معها. ولـ(ويندوز) عدد من الفوائد الأخرى لأنك تستطيع أن تستخدم عليه العديد من البرمجيات متعددة المصدر (بدعمه للامتداد exe.) في حين هذا صعب جداً مع لينوكس وآبل. لكن هذا بالضبط هو سبب (الانهيارات) والبطء الذي يشتكي منه عادة مستخدمو ويندوز. فهو فعلاً (خنّ دجاج).


    تدوينة وعرض رائعان ومتخصصان. أشكرك.

    ردحذف
  3. رغم انك مقل نسبياًو تحديثات مدونتك متباعدة لكن من حيث الكيف هى واحدة من أفضل ما قرأت من المدونات العربية بلا جدال .تشرفنى متابعتك و رجاء لاتبخل علينا بجديدك .

    دمت بود

    ردحذف
  4. سونِت..
    كُل عامٍ وأنت بخير.

    [1984] تدور في أجواء قريبة من أجواء [مزرعة الحيوان]. إذا افترضنا أن [مزرعة الحيوان] تصف تغوّل الثورة وتحولها لالتهام أبنائها، فإن [1984] تصف المُجتمع أحادي اللون بعد التغوّل. واحدةٌ من العلامات الفارقة في الرواية حذف الكلمات التي تشترك في المعنى لتخليص اللغة من الحشو. يُمكن أن يُرى هذا اليوم، إذ أن مفردات الخطاب لا تختلف في مُختلف وسائل الإعلام الفردية والعامة.

    تحياتي..

    ردحذف
  5. غير معرف..
    كل عامٍ وأنت بخير.

    نعم، تُقدم آبل مُنتجاتٍ جميلة، مشكوكاً في فائدتها. تقريباً، يُمكن أن توصَف مُنتجات آبل في حُقبة ما بعد الحاسوب الشخصي بأنها (مناشير زجاجية). إنها جميلة، لكن فائدتها تقترب من كونها معدومة. مُنتجات آبل - باستثناء حواسيب ماك برو - للمُستخدم الذي بلغ حد الاكتفاء من التقنية، وتحول إلى جامع تُحف.

    بالمناسبة، فكرة الحواسيب اللوحية ليست بدعة ابتكرتها آبل، بل كانت موجودة منذ زمنٍ بعيد في الصناعة. آبل نفسها صنعت حاسوباً لوحياً فاشلاً تجارياً اسمه نيوتن. ما فعلته آبل أنها بعثت نسياً منسياً، وقدمته في شكلٍ جذاب، ووضعت عليه تفاحتها المقضومة. الأمر نفسه بالنسبة لأجهزة الآي بود: صممت آبل نظام تشغيلٍ خاص، ووضعت علامتها على ألواحٍ صغيرة لتستولي على حصة الشركات اليابانية التي تُنتج مشغلات الإم بي ثري منذ زمنٍ بعيد. كذلك حال الهواتف الذكية، إذ أنها موجودة منذ زمنٍ أيضاً: هواتف سامسونغ، سوني إريكسون، بالم، بلاكبيري، وحتى نوكيا هواتف ذكية فعالة. غير أن تسويق آبل الجمالي، جعل الآي فون يقضم قطعةً كبيرة من سوق الهواتف مُقارنة بحجم آبل نفسها، وبمحدودية سوقها المرتبط بخدمات AT&T التي تدفع المُستهلكين للانتحار.

    فكرة قيام آبل بتقديم العتاد والنظام عملٌ جيد، في الحقيقة، إذ أن مسؤولية فشل الحوسبة تتوزع عادةً بين مُنتج العتاد ومُنتج النظام، بينما في مُنتجات آبل، تقع المسؤولية بكاملها على عاتق آبل. على الأقل، يعرف المُستهلك من السبب في سقوط النظام. هذا يحلُ مشاكل التوافق أيضاً، لأن مُصنِع النظام يعرف تماماً حدود الجهاز.

    عموماً، أنظمة آبل أصلحُ للأعمال الغرافيكية لأنها أكثر ثباتاً من أنظمة مايكروسوفت بكثير، والعتاد الذي تصنعه قوي بما فيه الكفاية ليتحمل برامج الرسوميات العملاقة المُعقدة. لهذا، فإنها الأنظمة القياسية في السوق بالنسبة لمصممي الغرافيكس والمتعاملين بملفاتِ الميديا عامة. كذلك، فإن استقرار أنظمة آبل يجعلها ملائمة للألعاب الكُبرى.

    ويندوز نظامٌ مُناسب لمُعظم الأعمال التي يحتاجها المُستخدم من حاسوبه، لكنه ليس مثالياً لمن يُشغلون برامج كبيرة، لأنه ميالٌ للانهيار. أبسطُ مثالٍ على ذلك شاشة الموت الزرقاء الشهيرة التي أحرجت الصين في حفل افتتاح أولمبياد 2008. مجالُ الألعاب في ويندوز أوسع لأنه أكثر الأنظمة انتشاراً، واحترامه للمستخدم العربي يأتي من وكلائه في الشرق الأوسط. كما أنه ليس محدوداً بالأجهزة والأنظمة، فمايكروسوفت تُقيم مؤتمراتٍ دورية في العالم العربي لعرض أنظمتها، وفي 2005 وصلت مؤتمراتها حتى إلى اليمن. هذا لا يعني أن مُستخدم Mac OS العربي قد هلِك، لأن العربية مدعومة بشكلٍ جيد فيه، وفي iOS. ومؤخراً، بدأت آبل تنتبه إلى السوق العربية.

    أوبنتو مُشكلة. ذكرتُ شركة كانونيكل - في التدوينة - ضمن الشركات المُتجهة نحو نظام الأخ الأكبر. كانونيكل راعية نظام أوبنتو، وقد أخذت في تحويله إلى نظامٍ مُحتكَر كما هو الحال مع آبل ومايكروسوفت. إنها تُعطي وهم الحُرية، لكنها تنتقص من سيطرة المُستخدم بملفاتها التي لا يُمكن الوصول إليها. في الواقع، تعتمد كانونيكل مبدأ تسويق يُشبه مبدأ آبل، تقديم المُنتج بوصفه ثقافة. الاسمُ الإفريقي للمُنتج يجذب الحالمين ودعاة السلام والمولعين بتعدد الثقافات. وتشبه ثقافة أوبنتو الإفريقية ثقافة الهيبيز التي يأتي منها جوبز: كلتاهما وسيلة لما يُمكن أن نسميه (البلف) الثقافي.

    تحياتي لك، وشكري على تعليقك الوافي.

    ردحذف
  6. آخر أيام الخريف..
    كل عامٍ وأنت بخير.

    أشكرك على ثنائك الرقيق جزيل الشكر، وأتمنى أن تبقى [تصدعت المرآة] عند حُسن ظنك. الشرفُ لي.

    تحياتي لك..

    ردحذف
  7. I'm about to see (pirates of the silicon valley) after reading your post, thanks for introducing it.

    I'm not exactly a 'techie' person, I use microsoft products and it works well for my light non-professional usage. but what I got from your article is that both Apple and IBM are fascistic monopolist corporations and there's no hope in the world..
    But you prefer Jobs because he 'dared to poke the Titan', right?


    A small note:
    you used the word
    المُقترب
    Is it the translation of 'approach'? It's just the first time I read it if this is the meaning.. interesting I mean..
    Thanks again for your interesting post, wish you happy holidays.

    ردحذف
  8. هذه تدوينة رائعة حقاً.. يعجبني ربطك بين الفاشية والمسألة الثقافية والتطورات في عالم التقنية... الحديث عن التيتانات التقنية وسيطرتها على حياة المستخدم اليوم حديث واقعي، مكتوب بأسلوب جميل... سأشاهد فيلم قراصنة وادي السليكون قريباً وأخبرك برأيي فيه..
    أعتقد أنك من المعجبين بستيف جوبز، رغم أنك تذكرين تحوله إلى أخٍ أكبر بوضوح... مع ذلك، أختلف معك في مسألة تحول أجهزة سلسلة آي المحمولة إلى تحف لا تهم غير جامعي التحف التقنية.. نعم، إن تصميمها يضعها في مصاف الأعمال الفنية، لكنها مفيدة جداً ويمكن استخدامها بوصفها أدوات انتاجية.. مشكلتها الوحيدة كونها سحابية في المعظم، ومع شخص مصاب بالبارانويا فإن هذه وصفة كارثية!..
    لا أنفي أبداً إعجابي الشديد بستيف جوبز وما يفعله في آبل، ولا أنفي أسفي لأن آي بي إم تمكنت من النهوض مجدداً ولم تنتهِ في مقبرة القرن العشرين.. إلا أنني لست من الفانبويز المهووسين الذين كونوا دين التفاحة!.. هذا جانب ثقافي مهم.. الأخ الأكبر حول زبائن آبل إلى مهووسين سيقفون في طوابير طويلة ليشتروا أي شيء يأمرهم ستيف جوبز بشرائه!... هذه ثقافة خطيرة..
    تنبيهك لخطورة خطوات كانونيكال التي تلتف على البرمجيات الحرة لتخنقها من داخلها مهم.. كنت في فترة من الذين أصابهم هوس أوبونتو قبل أن أتوقف عن هذا.. في الحقيقة، رغم حبي الشديد لآبل وستيف جوبز.. إلا أن بيل جيتس وأنظمته الرديئة يقبضون على عنقي!...
    بالمناسبة، أوبنتو يصلح لتشغيل الألعاب الخفيفة.. معظم توزيعات لينوكس تفعل.. لكن لا توجد هناك كول أوف ديوتي أو ذا لورد أوف ذا رينجز.. هذه ألعاب للاعبين المتمرسين، وهؤلاء غالباً مقولبون على أنظمة التشغيل الرسومية... كما أن كثرة توزيعات لينوكس يجعل تطوير الألعاب له مهمة متعبة وغير مجدية...

    ردحذف
  9. غير معرف..
    كل عامٍ وأنت بخير.

    لا يُقدم فيلم [قراصنة وادي السليكون] صورةً مثالية عن أيٍ من شخصياته: ستيف جوبز يظهر مصاباً بجنون العظمة، مهووساً، وغير مستقرٍ نفسياً. بيل غيتس يظهر غير مبالٍ، شريراً، خائناً. ستيف بالمر سليط اللسان وغير مفيدٍ - تقريباً - وستيف وزنياك غريب أطوارٍ غير قادر على الاندماج الاجتماعي. في الفيلم، جميع مؤسسي وادي السليكون قراصنة يعتاشون من كدِ غيرهم، ومن ثم يسرقون من بعضهم البعض الغنيمة. أعتقد أنه يصلح نداء إيقاظٍ للطوائف الجوبزية والغيتسية.

    كما قُلتَ - أنت: أعتقد أن ثلاثي آبل، IBM، ومايكروسوفت شركات احتكارية فاشية. لكن هُناك أملاً دائماً. إن الأخلاق تُملي علينا تفاؤلاً أخلاقياً لأن الخيرَ باقٍ - رغم أن الشر طبيعة أصيلة في البشر. على المرء أن يفتح عينيه وأذنيه جيداً، وألا يُسلِم قياده لأيٍ كان. حتى لو كان يبدو غير مؤذٍ مثل غيتس.
    أميل إلى جوبز للسبب الذي ذكرته، لقد كان الوحيد الذي تجرأ على تحدي التايتن علانية. هُناك سببٌ آخر: إن جوبز أقرب شخصيات وادي السليكون إلى الفن. إنه ليسَ شخصاً مُتعلقاً بالأرقام والدوال والدوائر الكهربائية؛ بل شخصاً يتحدث عن التصميم، الشكل، التناغم، التقشف في المظهر والبذخ في الإمكانيات، التأثير الفني، الموسيقى، الرسم، الفلسفة. إنه الشخصُ الوحيد - في وادي السليكون - الذي يتكلم لُغةً تُخاطبني شخصياً. لكن هذا لا يجعل منه أقل فاشية - بطبيعة الحال.

    بخصوص مُلاحظتك، نعم، "المُقترب" ترجمة لكلمة "approach" بالإنكليزية. هُناك ترجمة أخرى "مُقاربة"، لكنها لا تبدو صحيحة، لأنها تعني التقريب أكثر منها طريقة التناول. المسألة تفضيلات شخصية آخر الأمر.

    أشكرك جزيل الشكر على تعليقك الجميل، وأتمنى لك وقتاً طيباً.

    تحياتي..

    ردحذف
  10. يامن..
    كل عامٍ وأنت بخير.

    أعتقدُ أن مسألة التقنية مسألة ثقافية في الأساس، ومسألة الثقافة مسألة فاشية. المسألة ليست ربطاً - كما أراها - بقدر ما هي توصيف لطبيعة المسألة.

    كما قُلت، ستيف جوبز أقرب شخصيات وادي السليكون إلى الفن، لذلك فإنه أقرب إلى الكيفية التي أرى بها العالم. مسألة الأخ الأكبر واقعية، ولا أعتقد أن الإعجاب بإنجازِ شخصٍ ما يمنع الإشارة إلى مساوئه بوضوح، بل ومحاربة ما يُمثله - إن لزم الأمر. لكن، ما لا ندريه حقاً ما قد يكون عليه الأمر لو تحول فنانٌ آخر إلى تايتن تقنية. يبدو أكثر السيناريوهات احتمالاً أنه سيصير أخاً أكبر جديداً، حتى لو بدأ مُعارضاً لكل ما يمثله جوبز. السُلطة مفْسَدة، والسلطة المُطلقة مفْسَدَة مُطلقة.

    اختلافُ الآراء ضرورة من ضروراتِ الحياة. الأمرُ يتعلق بتفضيلات المُستِخدِم آخر الأمر. ولولا أن هُناك نسبةً ممن يحتاجون إلى مُنتجات آبل حقاً، لما تمكنت من النهوض مُجدداً وإنشاء طائفة تتبع أوامر نبي التفاحة ونواهيه.

    إشارتك إلى تحول آبل إلى ما يُشبه المُمارسة الدينية في محلها تماماً، وقد أتحدث عنها عما قريبٍ - بإذن الله. هذه نُقطة القوة التي تعتمد عليها التايتنات في صراعها: الطوائف التي تخدم جيوشاً لها من دون أدنى تكاليف. رأسمال التايتنات الفعلي هم المستخدمون المهووسون، سواء كانت هذه التايتنات آبل، مايكروسوفت، غوغل، فيسبوك، أو حتى كانونيكل.

    لا أعتقد أن مُنتجات مايكروسوفت رديئة بحدِ ذاتها. نظامُ ويندوز 98 - مثلاً - كان نظاماً رائعاً، لكن مشكلة مايكروسوفت أنها تحرم المُستخدم من كُل قدرةٍ على التحكم بالنظام مع كُل إصدارٍ جديد. في نظام ويندوز 7 من الصعب تماماً أن يملك المُستخدم نفس القُدرة على فحصِ النظام التي كان يملكها في 98. أي أن مايكروسوفت - المُغلقة بطبيعتها - تزداد انغلاقاً عاماً بعد عام. هُناك مشكلة نواة نظام ويندوز التي لا تستطيع احتمالُ التوسعات الرسومية، لذلك تنهارُ غالباً كُلما كبر النظام. في الواقع، أعتقد أنه كُلما كبر النظام، صغُر المُستِهلك.

    مُشكلة لينكس قابلة للحلِ إذا وافق مطورو توزيعاته على اعتماد مقياسٍ موحد لبرمجة الطبقات الداخلية من النظام، هكذا سيكون مُمكناً برمجة ألعابٍ تعمل على مُعظم توزيعات لينكس بطريقة أسهل.

    تحياتي لك، وشكري على تعليقك الحسن.

    ردحذف