22 أبريل 2008

أيام غريبة: مقاطع مبعثرة من حيوات الآخرين


كُلٌ يُشاهد الأفلامَ لسببٍ.
قد يكون لأنها أفلامٌ تحتل قائمة العشرة الأوائل في شباك التذاكر الأمريكي. أفلامٌ من نوعٍ يُفضله. وقع عليها مخرجٌ متميز. نصحه بها مُحرر النيويورك تايمز في مراجعته الأسبوعية التي يرسلها على البريد الإلكتروني. ......................
ينتمي فيلم أيام غريبة إلى أفلام الخيال العلمي التي لا أحبها. مخرجته كاثرين بيغلو مخرجة متميزة حقاً، لكن ليس إلى الدرجة التي تجعلني أشاهد كُل أفلامها لمجرد أنها لها. جيمس كاميرون مخرج جيد صاحب رؤية للعالم تمتاز بالبارانويا عبر عنها جيداً في فيلميه Terminator 1 and 2، ومن ثم تخلى عنها في 1998 لينال جائزة أوسكار عن تيتانك، لكنه ليس مفضلاً عندي بحيث أشاهد فيلماً لمجرد أنه كتب السيناريو له، كما أنه صاحب قصته. أحتاجُ إلى سببٍ لأشاهد الفيلم. وجدته! ريف فاينز!
فيلم أيام غريبة أولُ بطولة مطلقة لريف فاينز، وربما يكون الفيلم الوحيد الذي يظهر فيه من أوله إلى آخره من دون أن يكون مشوهاً. لذا يحتل مكانة مميزة لدى جمهور فاينز، وإن كان فيلماً من تلك الأفلام التي تُنتجُ لغرض أن تؤدي أداءً سيئاً في شباك التذاكر لا علاقة له أبداً بتراجع مداخيل السينما العامة.
يبدأ الفيلم بداية مُربكة حقاً، فالأحداث تجري من وجهة نظر الشخصية. والكاميرا تركض يُمنة ويُسرة متعثرة وكأنها عينا فارٍ من الشرطة بعد فشل عملية سطوٍ مسلحٍ يقوم بها مع اثنين من أصدقائه. تنتهي العملية بموته. ومن ثم يبدأ الفيلم حقاً، فيقدم الشرطي السابق وتاجر الحيوات المسجلة الحالي ليني نيرو (ريف فاينز) يتجادل مع وكيله التقني طالباً منه مقاطع لا تنتهي بالفشل أو الموت لأنها تجربة مريرة. أحداث الفيلم تبدأ عشية الثلاثين من ديسمبر 1999 وتمتد حتى دقيقتين من أول يناير 2000، ومحورها سعي ليني لتحرير صديقته السابقة فيث جستن (جولييت لويس) من سيطرة مغني الروك فايلو غانت وعصبته، وإقناعها بالعودة إليه. إيقاع الفيلم سريع ومتلاطم في محاولة للإمساك بخيوط أحداثٍ متفرقة عنيفة يتضح في النهاية أن خيطاً واحداً يجمعها. رجلا الشرطة الذين يطاردان بائعة الهوى آيريس بشراسة سادية مريعة. خطابات جيركو ون النارية عن بيع المسيح ويوم الدينونة. العنف المتفجر في كُل المدينة بين السُلطة والمتمردين وكأن فارس الحرب قد خرج من الختم الرابع كما جاء في سفر الرؤيا. ليني نيرو الذي يبيع لأناسٍ مقاطع من حياةِ أناسٍ آخرين. تجاربهم، أحاسيسهم، أفكارهم. يتاجر بالأحلام والحيوات المسجلة رقمياً على أقراصٍ مضغوطة، مباشرة من رؤوس أصحابها. ويعيد تكرار عيش مقاطع من حياته المتشظية عاجزاً عن الخروج من الماضي. محاولات صديقته ميسي (أنجيلا باسيت) مساعدته بعد أن أصبح هدفاً لمطاردٍ مجهول أرسل إليه قرصاً مضغوطاً يتضمن اغتصاب وقتل آيريس التي كان الشرطيان يلاحقانها سابقاً. آيريس صديقة فيث، ما يجعلها في خطر. يحاول ليني إنقاذها دون فائدة، ففي كُل مرة ترفضه وتنبذه. القرص الذي تسبب في قتل آيريس كان عن قيام اثنين من رجال الشُرطة بإعدام جيركو ون أحد أعمدة المجتمع الأسود. تقرر ميسي أن تذيع حقيقة مقتل جيركو ون للعالم. وفي محاولتها مع ليني لاكتشاف قاتل آيريس والهروب من مطاردة الشرطة الشرسة لهما، يقنعهما ماكس (توم سايزمور) صديق ليني أن الشرطة قد نظمت فرقة إعدام للتخلص من كُل العناصر المشاغبة في المدينة، لتستمر المطاردة، ويتضح في النهاية أن كُل ما سبق كان خيط أكاذيب. وينتهي كُل شيء على خيرٍ بتخلي ليني عن تهريب حيوات الآخرين، وعن فيث (الإيمان)، لأجل حبه الحقيقي، ميسي.
يعد الفيلم وعوداً كبيرة، لكنه - بعد ساعتين ونصف من اللهاث خلف فتات الحقائق - ينتهي نهاية تصالحية تقليدية، قد تكون نهاية ملائمة لأي فيلمٍ آخر إلا فيلمٌ صُمِمَ - عن عمد - ليُرهق المشاهد. يصل الفيلم إلى خاتمة للعنف الذي يطحن المدينة برجل الشرطة الصالح، وإلى حلٍ للانسحاب من الحياة وفقدان الإيمان عن طريق الحب. أداء ريف فاينز وأنجيلا باسيت لدوريهما كان إحدى حسنات الفيلم، أما جولييت لويس وأداءها المزعج لدور فيث - المزعج والذي يضيف بكائية عقيمة إلى الفيلم - فقد كان أبرز مناطق الضعف في الفيلم. في النهاية، أيامٌ غريبة فيلمٌ غريبٌ حقاً!

هناك تعليقان (2):

  1. مممممممممم شكل الخط الجديد المستخدم متعب للعينين :)

    ردحذف
  2. عدنا إلى الخط القديم.
    سلامة العينين من التعب.

    ردحذف