تحاول نظرياتٌ كثيرة تفسير النجاح المذهل لستيفن كنغ، يتضمن معظمها عناصر التوقيت (انبعاث الرعب الأعظم في السبعينات) والحظ (مخرج عبقري يحول روايته الأولى إلى فيلمٍ ناجح)، ومعرفة واسعة بجمهوره (هناك سببٌ يجعل معظم رواياته تدور في أمريكا المعاصرة). حتى أن ستيفن كنغ نفسه قال في محفل عام أن الموهبة كانت الجزء الأسهل في مسيرة نجاحه.
أتى وقت اعتقد فيه القادمون الجُدد الكُسالى أن كُل ما عليهم فعله هو كتابة كتابٍ سميك ومخيف عن بيلي القرد الملوث بالشحم الذي يوقف الشاحنات، والوحش ذي الفم الكبير الذي ينسكب منه اللعاب من قلب أمريكا المظلم، وسيكتب لهم الناشرون شيكاتٍ من سبعة أرقام. لكن – كما يستطيع أي ستيفن كنغ مستنسخ باحثٍ عن الشهرة أن يخبرك – انبعاث الرعب قد انتهى منذ أمدٍ بعيد.
هناك سببٌ يجعل ستيفن كنغ يستمر في الكتابة. قد يكون عقدان من النجاح وربع مليار دولار دافعاً عقلانياً للاستمرار، لكنني أرى شخصياً أن السبب الذي يجعله يستمر في الكتابة الآن هو نفسه الذي جعله يستمر بعد أربع رواياتٍ مبكرةٍ فاشلة، حزمة مجلات، ووظيفة في مغسلةٍ بستين دولاراً في الأسبوع.
هناك مكانٌ في السوق لكاتب رعب يبيع كثيراً، لكنه لن يكون أنت.
شون لندسي، 31 أكتوبر 2006
Reason #2: You Are Not Stephen King
ملاحظة:
السبب الثالث عشر: أنت لست دان براون
تعليق: ولستَ جي. كيه. رولنغ
أجل، لستَ جي. كيه. رولنغ أيضاً.
أولئك الذين لا يزالون في مرحلتي العمرية، يعرفون رولنغ خيراً مما يعرفون كنغ – الذي سمعوا به عن طريق الإنتاجات السينمائية الأحدث لأعماله كالميل الأخضر، والنافذة السرية، و1408– وبالنسبة لهم، فإن رولنغ هي المقياس المطلق للنجاح الأدبي باعتبارها أول كاتبة في العالم تصبح مليارديرة من الكتابة فقط، وتتحول إلى أحد أكثر الأشخاص تأثيراً في العالم.
(GO SISTER! GO!)
بسبب شعبية هاري بوتر الطاغية، انتشرت صرعة (الفان فيكشن) في العالم، بلغات لم يخطر على بال نقادها يوماً أنهم سيواجهون شيئاً كذلك – أنظر: عالم أكلة الموت: الحُب في زمن الرحيل – وأصبح رائجاً كتابة أدبٍ (فانتازي) على منوال هاري بوتر، إما في صورة فان فيكشن صريح، أو في هيئة متخفية لا تخدع أحداً بوهم أن الوافد الجديد سيصبح رولنغ القادم، وسيتحدى أسطورة هاري بوتر. وفي بلادِ تعتبر الأدب الفانتازي (قلة قيمة) كالبلاد العربية، يعتبر مقلدو رولنغ أنفسهم كشهداء المسيحية الأوائل الذين ألقاهم أباطرة الرومان للأسود، فالنقاد يكرهونهم، والجمهور لم يعتد عليهم بعد. إنه المجد من جميع أطرافه!
رولنغ هي رولنغ، ولن يستطيع أحدٌ أن يكون هي، أو أن يكون رولنغ القادم. صحيح أن هُناك صخباً كثيراً حول الأدب الفانتازي هذه الأيام، وصحيح أن النقاد أخذوا ينفضون غبار كتب الحكايات التي سخروا منها قبل أجيال ليؤرخوا له، لكن الواقع أنه لا أحد من مقلدي رولنغ سيستطيع أن يركب جواد الفانتازيا الجامح ليختال به.
وحتماً، لن تكون أنت من سيدخل الفانتازيا إلى الأدب العربي من أوسع الأبواب.
السلام عليكم
ردحذفاعلم جيدا الي ان هذه ليست اسباب للتوقف ولكن لالقاء الضوء علي اسباب التوقف ومناقشته و ايجاد حلا للكتاب والكتّاب .كتب الرعب والخيال تلقي الان صدي كبير وواسع ليس لانها تعمل علي توسيع مدركات الفرد للفهم والاستيعاب ولكنها هي لاعب اساسي الان بحكم ترك ما دونها للساحة الادبية فانخفاض وتدني مستوي الكتابات الحالية سبب رئيس في وصول روايات الرعب والخيال الي هذه الايرادات الخيالية ايضا والنجاح لم يأتي صدفةوذلك دون التعرض للقيم الادبية للخيال من الخير او الشر او التعرض لمهنية رولينج وموهبتها .فكان ولابد من ملأ الفراغ والأدب مثله مثل اي شيء يتأثر بما حوله الا تري اننا نعيش الان في خيال . واخشي ان نصطدم بالواقع فيحدث مالا يحمد عقباه. واخيرا الرواية هي مرسل ومستقبل وان طال الزمن
ولكم جزيل الشكر
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لطفي عباس..
ردحذفما تقوله واقع. غير أن الفانتازيا والرعب ثيمتان قديمتان في الأدب قدمه نفسه، ولهما قيمتهما الجمالية الخاصة في إطاره. استقلال الفانتازيا والرعب بذاتهما كنوعين أدبيين قائمين جاء نتيجة لعوامل عديدة، لا يحرم أيٌ منها هذين النوعين من قيمتهما الخاصة التي تُحددها موهبة الكاتب، لذا نجح كنغ ورولنغ، وفشل مقلدوهما فشلاً ذريعاً.
نحنُ الآن لا نعيش في خيال، بل في واقعٍ يجعل السريالية تبدو مملة كالواقع! رُبما كان مارك توين هو من قال: "الفرق بين الأدب والواقع هو احتياج الأدب إلى المصداقية". وهذا ما يحدث الآن.
الرواية مُرسل ومُستقبلٌ أجل، والأسباب تُريد تقويم المُرسل ليذهب الزبد جفاء، ويمكث في الأرض ما ينفع الناس.
تحياتي القلبية لك، لطفي عباس، وشكري الجزيل لمناقشاتك التي تُلقي أضواء هامة حول الموضوع المطروح.