13 مايو 2008

الثالث: أنت تعتقد أن أياً كان يُمكنه أن يكون كاتباً

(يرتبط هذا السبب والذي يليه بالمسابقة القومية الأمريكية: رواية في شهر NaNoWriMo، التي يعارضها لندسي بشدة)
يجعلك وضع خمسين ألف كلمة بشكلٍ شبه عشوائي في ثلاثين يوماً (كاتباً) بالمعنى ذاته الذي يجعلك به تغيير مائة لمبة كهربائياً.
هذا وهم مسابقة NaNoWriMo الأساسي، فكرة أنك ستصبح (كاتباً) إذا جربت تحديهم الاعتباطي. حتى أنهم يتباهون بذلك في قائمة الأسئلة المتكررة الخاصة بهم. الأمر يتعلق بارتداء الفكرة (المرومسة) عن الكاتب.
مهما حدث لارتداء ربطات العنق، وعدم غسل شعرك، وحمل دفتر ملاحظات مليء بقصائد الهايكو المبعثرة، واحتضان ذات كوب القهوة كل اليوم؟ ينبغي الآن أن أكتب شيئاً؟

شون لندسي، 1 نوفمبر 2006
Reason #3: You Think Anyone Can Be a Writer


تعليق: وتعتقد أن الأدب يُقاس بالمسطرة
كانت المسطرة تصلح لقياس طول المخطوطات قديماً، أما الآن، فتوفر برامج معالجة الكلمات – عدا البدائية منها – مساطر حديثة تعدُ الكلمات، وتقيس أطوال الصفحات إن لزم الأمر، لتوفر للمُقايس كُل وسائل ضبط القياس المطلوب للكتابة.
سمعنا – وقرأنا – في محاضرات النقد والرواية كُل أنواع المقولات الاعتباطية عن الرواية. هُناك من قال أن الرواية قطعة سردية طولها خمسون ألف كلمةٍ لا تقل عنها كلمة، وهُناك من حصرها بين خمسين وثمانين ألف كلمة. وهُناك من خفف التشدد فقال أنها عملٌ سردي لا يقل عن ثمانين صفحة، يحكي واقعة فنية منبثقة عن واقعة خارجية لها دلالة.............
والنتيجة؟
خمسون، ثمانون، مائة ألف كلمة!
هل تقاس الرواية بعداد الكلمات؟!
كُل روائي حقيقي – وروائية – أحنقه هذا التعريف حتى أوشك على خنق أصحابه، ومع ذلك، لا تزال كثيرٌ من القواميس وغالبية كتب النقد محتفظة به بكل سرورٍ ليكون التعريف الوحيد الباقي منذ ما يزيد عن قرنٍ وكأن الفساد لم يداخله أبداً.
في فيلم جمعية الشعراء الموتى، يطلب الأستاذ كبلنغ من طلابه قراءة مقدمة كتابهم عن الأدب. تتحدث المقدمة عن كيفية (قياس) عظمة القصيدة بمعادلة رياضية. يطبقها الأستاذ، ثم يطلب من تلاميذه تمزيق الصفحة لأن المكتوب هُراء. لا أحد يقيس عظمة القصيدة بمعادلة، ولا يعد الصفحات التي تُنشئ رواية!
لأن الكُتاب فئةٌ نادرة ندرة الماس، يشيع هذا التعريف، وينسكب المقايسون من كُل الشقوق ليقيسوا ما لا يُقاس!

هناك تعليقان (2):

  1. الكتابة / الفنون/ انصهار الذات المنشغلة دائما الثائرة باطناً بعمل ظاهري...

    انه من المدهش حقاً ان يكون الامر رياضي في امر ابعد ما يكون عن المقياس المادي البحث للاشياء ...
    ان الذي يكتب خصوصا يعي هذا الامر ، حتى وكأنه حين يفرغ من سطوره وقد اوشك الحبر على الجفاف تراه يقول : من كتب هذا ... ربما لست انا .....


    دمت بكل ود..
    خالص تحياتي

    ردحذف
  2. إنها جناية أولئك الذين قرروا نفي دهشة اللغة لئلا تُربك حيواتهم الساكنة كبركة، فقرروا قياس ومضات البصيرة المذهلة بالمساطر ليقتلوا كل جمال.

    تحياتي القلبية..

    ردحذف